التفاسير

< >
عرض

وَبَشِّرِ ٱلَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّٰتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَٰرُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـٰذَا ٱلَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَٰبِهاً وَلَهُمْ فِيهَآ أَزْوَٰجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَٰلِدُونَ
٢٥
-البقرة

الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم

{ وَبَشِّرِ } أي: أخبر خبراً سَارّاً، فإنه يظهر السرور في البَشْرَة { ٱلَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ } بلا رِيَاءٍ، بشَرط الموت عليه، بدليل { { وَمَن يَرْتَدِدْ } [البقرة:217] { أَنَّ } بأن { لَهُمْ جَنَّٰتٍ } هي سبع، اعلَاها الفِرْدَوْسُ، ثُم عَدَن، ثمَّ دار الخلد، ثم جَنَّةُ المأوى، ثم دارُ السلام، ثم عِلِّيُّوْن { تَجْرِي مِن تَحْتِهَا } تَحْت غُرَفها وأشجارها { ٱلأَنْهَٰرُ } أي: ماؤها بلا أخدود { كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا } أي: الجنات { مِن ثَمَرَةٍ } ابتداء ببيان، والثاني متعلقه { رِّزْقاً } أي: مرزوقاً { قَالُواْ هَـٰذَا } مِثْل { ٱلَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ } في الدنيا، وإنَّما جُعِلَتْ من جنس ثمرة الدنيا صُوْرةً؛ لتميل النفس إليها أول ما رأت للألف، أو في الجنة، كما في الحديث وحينئذ فـ "كلما" عُرْفيٌّ أكثريٌّ فلا يُشْكلُ بالكرة الأولى { وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَٰبِهاً } في الصُّورة التي هيَ مَناطُ الاسم { وَلَهُمْ فِيهَآ أَزْوَٰجٌ مُّطَهَّرَةٌ } عما يُسْتَقْذَرُ ويُذَمُّ خلْقاً، ولا يرد أنه أيُّ: فَائدةٍ فيهما مع غنائنا عن التغذي وحفظ الفرج ونحوه؟ لأنَّ مَطَاعم الجَنَّة ومَنَاكِحَها لا تشارك نظائرها الدنيوية في تمام حقيقتها، بَلْ إنَّما تُسَمَّى بأسمائها استعارة { وَهُمْ فِيهَا خَٰلِدُونَ } دائمون؛ لأنه -تعالى- يعيد أبدانهم على كيفية تصون من الاستحالة، وأصله ثبات مديد دائم أم لا، ولذا يوصف بالأبدية.