{ وَقَالُواْ } اليهود { لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ } المَسُّ: اتَّصَلٌ الشَّيء بالبشرة بحيث تتأثر الحَاسَّةُ به، واللَّمْسُ كالطَّلَبِ لَهُ { إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً } سَبْعَة، أو أَربعين { قُلْ } يا محمد { أَتَّخَذْتُمْ عِندَ ٱللَّهِ عَهْداً } بذلك { فَلَنْ يُخْلِفَ ٱللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ } تفترون { عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ * بَلَىٰ } أثبت منفيهم { مَن كَسَبَ سَيِّئَةً } والكسب: استجلاب النفع، عقله بالسيئة تَهَكُّماً { وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـۤئَتُهُ } فلا يبقى لَهُ حَسَنة، وهو الكافر؛ لأنَّهُ إنْ صدق قلبه ما يحرك لسانه لم تُحِطْ بهِ الخطيئة تغلب فيما يقصد بالعِرْضِ { فَأُوْلَـۤئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } { وَ } اذكروا { إِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } في التوراة قَائلين لَهُم: { لاَ تَعْبُدُونَ } بمعنى النهي { إِلاَّ ٱللَّهَ وَبِٱلْوَالِدَيْنِ } تحسنون { إِحْسَاناً وَذِي ٱلْقُرْبَىٰ } القرابة { وَالْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ } فاقد ما يكفيه، وأصله ما أسكنه الخلة { وَقُولُواْ لِلنَّاسِ } قَوْلاً { حُسْناً } ذا حسن كالأمر بالمعروف { وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلٰوةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَاةَ } المفروضتين في دينكم { ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ } أَعْرَضْتُمْ عَنِ الميثاق { إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُّعْرِضُونَ } عادتكم الإعراض عن الوفاء { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ } في التوراة { لاَ تَسْفِكُونَ دِمَآءَكُمْ } لَا يَقْتُل بعضكم بعضاً فإنهم كأنفسكم لاتصالهم دِيْناً وَرَحماً { وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِّن دِيَارِكُمْ } بإجلاء بعضكم بعضا { ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ } قبلتموه { وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ } على أنفسكم بذلك { ثُمَّ أَنْتُمْ } بعد ذلك يا { هَـٰؤُلاۤءِ } الناقضون { تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِّنْكُمْ مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ } تتعاونون { عَلَيْهِمْ بِٱلإِثْمِ } بالمعصية { وَالْعُدْوَانِ } الظلم { وَإِن يَأتُوكُمْ أُسَارَىٰ تُفَادُوهُمْ وَهُوَ } الشأن { مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ ٱلْكِتَابِ } بالفداء { وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ } بالقتل والمظاهرة والإخراج { فَمَا جَزَآءُ مَن يَفْعَلُ ذٰلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ } هَوَانٌ وعَذَابٌ { فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } كخزي [12 ظ] قريظة بالسبي والقتل، وبنو النضير بالجلاء والجزية { وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ ٱلّعَذَابِ وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ * أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا بِٱلآخِرَةِ فَلاَ يُخَفَّفُ } لا ينقص { عَنْهُمُ ٱلْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } يُمْنَعُننَ مِنْ عَذَابِ الله { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ ٱلْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِٱلرُّسُلِ } أتبعناه إياهم { وَآتَيْنَا عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ } المُعْجِزات { ٱلْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ } قويناه { بِرُوحِ ٱلْقُدُسِ } بروح مقدس، هو اسْمٌ كَانَ يُحْيى به الموتى، أو جبريل إذ كان يسير معه حيث سار، أو القدس والقدوس واحد، أي: روح الله { أَ } كَفَرْتُم { فَكُلَّمَا } مَرّبَيَانُ نَظِيره { جَآءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَىٰ } لا تُحبّثهُ { أَنْفُسُكُمْ ٱسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ } كعيسى ومحمد -صلى الله عليه وسلم- { وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ } كزكريا ويحيى، والمضارع لحكاية الماضي، أو لمحاولتهم قتل محمد -صلى الله عليه وسلم- { وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ } مُغشَّاة بغلاف خلقي يمنعها عن فهم ما جئت به { بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفْرِهِمْ } فقلوبهم ملعونة بسببه { فَقَلِيلاً مَّا } إيماناً قليلاً { يُؤْمِنُونَ } وهو إيمانهم ببعض الكتاب ، أو أرَادَ عدَمَ إيْمَانهم { وَلَمَّا جَآءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ } القرآن أي: { مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ } التوراة، جواب "لِمَا" محذوف، دَلَّ عليه "لما الثانية { وَكَانُواْ } اليهود { مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ } يستنصرون { عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } بقولهم: اللهم أيدنا بنيِّ آخِرِ الزمان المنعوت في التوراة { فَلَمَّا جَآءَهُمْ مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ } حَسَداً { فَلَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ * بِئْسَمَا ٱشْتَرَوْاْ } باعوا { بِهِ أَنْفُسَهُمْ } فإنهم باعوا ثوابا بالكُفْر أوْ اشتروها حقيقة على زعمهم { أَن يَكْفُرُواْ } مَخْصوصٌ بالذم { بِمَآ أنَزَلَ ٱللَّهُ بَغْياً } حَسَداً على { أَن يُنَزِّلُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ } الكتاب والنبوة { عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَآءُو } رَجَعُوا { بِغَضَبٍ عَلَىٰ غَضَبٍ } بكفرهم بمحمد -صلى الله عليه وسلم- يعد كفرهم بعيسى -صلى الله عليه وسلم- { وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ } لكنَّ عَذَاب العُصَاة للتطهير { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ } لليهود { آمِنُواْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ } القرآن { قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَآ أُنْزِلَ عَلَيْنَا } التوراة { وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَآءَهُ } بما سواه { وَهُوَ } ما سواه { ٱلْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ } التوراة فالكفر به كفر بها { قُلْ } إنْ صَدَقْتُم { فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَآءَ ٱللَّهِ مِن قَبْلُ } جاء بالمضارع للزوم الصفة لهم و { مِن قَبْلُ } متعلق بمضمون { فَلِمَ } الذي هو البحث عن علة الشيء فكأنه قيل: أخبروني من قبل { إِن كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ } بالتوراة [13 و] الناهية عنه وفعل آبائهم كفعلهم، لرِضَاهُم به.