الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم
{هَـٰذَانِ}: المؤمن والكافر فوجان {خَصْمَانِ}: مختصمان {ٱخْتَصَمُواْ فِي}: دين {فِي رَبِّهِمْ فَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ}: منهما {قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ}: كما تقطع الثياب بقدر القامة كناية عن إحاطتها عليهم {يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُءُوسِهِمُ ٱلْحَمِيمُ}: ماء حار قطرة منه تذيب الجبال {يُصْهَرُ}: يذاب {بِهِ}: بالحميم {مَا فِي بُطُونِهِمْ}: الأمعاء {وَٱلْجُلُودُ * وَلَهُمْ مَّقَامِعُ}: سياط {مِنْ حَدِيدٍ}: لو ضرب بمقمع منها جبل لتفتت {كُلَّمَآ أَرَادُوۤاْ أَن يَخْرُجُواْ مِنْهَا}: من النار بأن تَرميهم إلى أعلاها {مِنْ غَمٍّ}: غمومها {أُعِيدُواْ فِيهَا}: بالمقامع، {وَ}: يقال لهم إهانة: {ذُوقُواْ عَذَابَ}: النار {ٱلْحَرِيقِ}: البالغة في الإحراق {إِنَّ ٱللَّهَ يُدْخِلُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ}: هذا فصل خصومتهم {يُحَلَّوْنَ}: يلبسون الحلي {فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ}: جمع سوار {مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ * وَهُدُوۤاْ إِلَى ٱلطَّيِّبِ مِنَ ٱلْقَوْلِ}: { { ٱلْحَـمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي صَدَقَنَا } }:... الآية ]الزمر: [74 {وَهُدُوۤاْ إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْحَمِيدِ}: المحمود نفسه أو عاقبته وهو الجنة {إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَيَصُدُّونَ}: على الاستمرار {عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَ}: عن {ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ ٱلَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ}: لمناسكهم {سَوَآءً ٱلْعَاكِفُ}: المقيم {فِيهِ وَٱلْبَادِ}: الطاريء وكذا فسره بعض بمكة، وكذا ذهب بعض كعمر وابن عباس إلى أنه يجوز لأرباب بيوت مكة منع الحاج عن النزول فيها، واستدل بها الحنفية على منع بيع جورها ويأباه: الذين أخرجوا من ديارهم، وشراء عمر دار السجن فيها بلا نكير {وَمَن يُرِدْ فِيهِ}: مرادا كائنا {بِإِلْحَادٍ}: بميل عَن القصد، كما يفسره: {بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}: أي: وإن لم يفعلها على مذهب ابن مسعود وبعض والظاهر أن بظلم: صفة مصدر، أي: إرادة ملتبسة بظلم، وهو الإتيان بالمراد، فلا يحتاج إلى تكلفاتهم، ويطابق على مذهب الجمهور والله تعالى أعلم {وَ}: اذكر {إِذْ بَوَّأْنَا}: عينا {لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ ٱلْبَيْتِ}: بريح هفافة كنست مكانه، يقال لها الخجوج لا نطماسه بالطوفان، قيل له {أَن لاَّ تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ}: من الشرك والأقذار {لِلطَّآئِفِينَ}: حوله {وَٱلْقَآئِمِينَ}: العاكفين {لْقَآئِمِينَ وَٱلرُّكَّعِ ٱلسُّجُودِ}: المصلين {وَأَذِّن}: ناد {فِي ٱلنَّاسِ}: آمرا {بِٱلْحَجِّ}: فقام على مقامه أو الصفا أو أبي قبيس وقال: إن ربكم اتخذ بيتا فحجوه فأجابه كل من كتب له الحج إلى يوم القيامة وهم في الأصلاب: لبيك اللهم لبيك {يَأْتُوكَ رِجَالاً}: مشاة {وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ}: بعير مهزول أتبعه السفر، قُدَّمَ الرَّاجلَ لفضله، إذ "للراكب بكل خطوة سبعون حسنة وله سبعمائة من حسنات الحرم، كل حسنة مائة ألف حسنة"، وإبراهيم وإسماعيل حجا ماشيين {يَأْتِينَ}: أي: الضامر باعتباره معناه {مِن كُلِّ فَجٍّ}: طريق {عَميِقٍ}: بعيد {لِّيَشْهَدُواْ}: يحضروا مَنَافِعَ}: دينية ودنيوية {لَهُمْ وَيَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ فِيۤ أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ}: عشر ذي الحجة {عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ ٱلأَنْعَامِ}: عند ذبح الهدي والضحايا {فَكُلُواْ مِنْهَا}: إباحة في التطوع {وَأَطْعِمُواْ}: وجوبا {ٱلْبَآئِسَ}: صاحب البؤس والشدة {ٱلْفَقِيرَ}: المحتاج {ثُمَّ لْيَقْضُواْ}: ليزيلوا {تَفَثَهُمْ}: وسخهم، كقص الظفر ونحوه وليؤدوا مناسكهم {وَلْيُوفُواْ نُذُورَهُمْ}: من البر في حجهم {وَلْيَطَّوَّفُواْ}: طواف الإفاضة {بِٱلْبَيْتِ ٱلْعَتِيقِ}: القديم أو المعتق من تسلط الجبابرة، وأما الحجاج فإنما جاء لدفع لدفع ابن الزبير -رضي الله عنه- ، أو الجند أو الزائر، الأمر {ذٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ ٱللَّهِ}: أحكامه التي يحرم هتكها {فَهُوَ}: التعظيم {خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ}: ثوابا {وَأُحِلَّتْ لَكُمُ ٱلأَنْعَامُ إِلاَّ مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ}: وهو: { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ } }: ... إلى أخره،]المائدة: 3[ فلا تحرموا غير {فَٱجْتَنِبُواْ ٱلرِّجْسَ مِنَ ٱلأَوْثَانِ}:"من" بيانية {وَٱجْتَنِبُواْ قَوْلَ ٱلزُّورِ}: الكذب، كحرمة البحائر ونحوها {حُنَفَآءَ}: مخلصين {للَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ}: سقط {مِنَ ٱلسَّمَآءِ}: لسقوطه من أوج الإسلام إلى حضيض الكفر {فَتَخْطَفُهُ}: تسلبه {ٱلطَّيْرُ}: فتفرقه في حواصلها، فإن الأهواء توزع أفكاره {أَوْ تَهْوِي}: تسقط {بِهِ ٱلرِّيحُ}: حين عصفت به {فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ}: بعيد، فإن الشيطان أوقعه في الظلالة والأول: مثل لمن مات كافرا والثاني لمن أمكن إيمانه علة بعد الأمر {ذٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ ٱللَّهِ}: دينه أو الهدى المشعرة باختيار أعلاها، أو بتسميتها {فَإِنَّهَا}: تعظيمها من: أفعال ذوي {مِن تَقْوَى ٱلْقُلُوبِ * لَكُمْ فِيهَا}: في الشعائر {مَنَافِعُ}: كالدر وغيره {إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى}: يوم النحر أو جعلها هديا {ثُمَّ مَحِلُّهَآ}: منحرها منتهية {إِلَىٰ ٱلْبَيْتِ ٱلْعَتِيقِ}: أو عنده، وهو كل الحرم {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ}: أهل دين {جَعَلْنَا مَنسَكاً}: بالفتح قربانا، وبالكسر موضع نسك {لِّيَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ}: فقط {عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ ٱلأَنْعَامِ}: أي: المقصود من المناسك ذكره تعالى {فَإِلَـٰهُكُمْ}: أنتم ومن قبلكم {إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ}: فقط {أَسْلِمُواْ}: انقادوا {وَبَشِّرِ ٱلْمُخْبِتِينَ}: الخاشعين المتواضعين {ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ}: هيبة {وَٱلصَّٰبِرِينَ عَلَىٰ مَآ أَصَابَهُمْ وَٱلْمُقِيمِي ٱلصَّلَٰوةِ وَمِمَّا رَزَقْنَٰهُمْ يُنفِقُونَ}: يتجدّدُ إنفاقهم في الخير {وَٱلْبُدْنَ}: جمع بدنة، يعني الإبل لعظم بدنها {جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِّن شَعَائِرِ ٱللَّهِ}: اعلام دينه {لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ }: منافع الدارين {فَٱذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهَا }: على نحرها {صَوَآفَّ}: قائمات على ثلاث قوائم معقولة يسرى يدها أو رجلها {فَإِذَا وَجَبَتْ}: سقطت {جُنُوبُهَا}: على الأرض بزوال روحها {فَكُلُواْ مِنْهَا}: إباحة {وَأَطْعِمُواْ ٱلْقَانِعَ}: المتعفف عن السؤال {وَٱلْمُعْتَرَّ}: المتعرض له {كَذٰلِكَ}: كما وصف نحرها قائمة {سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ}: مع عظمها {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}: نعمنا {لَن يَنَالَ ٱللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَآؤُهَا}: لن يتقبلهما {وَلَـٰكِن يَنَالُهُ ٱلتَّقْوَىٰ}: إخلاص النية {مِنكُمْ}: فلا تنضحوا الكعبة بلحمها ودمهل تقربا إليه {كَذٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ }: كرره للتعليل {لِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ}: لتعظموه شكرا {عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ}: إلى التقرب إليه بها {وَبَشِّرِ ٱلْمُحْسِنِينَ}: أعمالهم