التفاسير

< >
عرض

فَقَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ مَا هَـٰذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لأَنزَلَ مَلاَئِكَةً مَّا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا فِيۤ آبَآئِنَا ٱلأَوَّلِينَ
٢٤
إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُواْ بِهِ حَتَّىٰ حِينٍ
٢٥
قَالَ رَبِّ ٱنصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ
٢٦
فَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ أَنِ ٱصْنَعِ ٱلْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَآءَ أَمْرُنَا وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ فَٱسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ
٢٧
فَإِذَا ٱسْتَوَيْتَ أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى ٱلْفُلْكِ فَقُلِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي نَجَّانَا مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ
٢٨
وَقُل رَّبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْمُنزِلِينَ
٢٩
إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ وَإِن كُنَّا لَمُبْتَلِينَ
٣٠
ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ
٣١
فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ
٣٢
وَقَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِلِقَآءِ ٱلآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي ٱلْحَيـاةِ ٱلدُّنْيَا مَا هَـٰذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ
٣٣
وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِّثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ
٣٤
أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَاباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُّخْرَجُونَ
٣٥
هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ
٣٦
إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ
٣٧
إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ ٱفتَرَىٰ عَلَىٰ ٱللَّهِ كَذِباً وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ
٣٨
قَالَ رَبِّ ٱنْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ
٣٩
قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَّيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ
٤٠
فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّيْحَةُ بِٱلْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَآءً فَبُعْداً لِّلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ
٤١
ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قُرُوناً آخَرِينَ
٤٢
مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ
٤٣
ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا كُلَّ مَا جَآءَ أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضاً وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْداً لِّقَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ
٤٤
ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ
٤٥
إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَٱسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً عَالِينَ
٤٦
فَقَالُوۤاْ أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ
٤٧
فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُواْ مِنَ ٱلْمُهْلَكِينَ
٤٨
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ ٱلْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ
٤٩
وَجَعَلْنَا ٱبْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَآ إِلَىٰ رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ
٥٠
يٰأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَاتِ وَٱعْمَلُواْ صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ
٥١
وَإِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فَٱتَّقُونِ
٥٢
-المؤمنون

الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم

{ فَقَالَ ٱلْمَلأُ }: الأشراف { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ }: لعوامهم { مَا هَـٰذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ }: بالرئاسة { وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ }: رسولا { لأَنزَلَ مَلاَئِكَةً }: للرسالة { مَّا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا }: الذي تدعونا إليه { فِيۤ آبَآئِنَا ٱلأَوَّلِينَ * إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ }: جنون { فَتَرَبَّصُواْ بِهِ }: انتظروا { حَتَّىٰ حِينٍ }: لعله يفيق { قَالَ }: نوح بعد يأسه منهم: { رَبِّ ٱنصُرْنِي }: بإهلاكهم { بِمَا كَذَّبُونِ }: بإزاء تكذيبهم أو بسببه { فَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ أَنِ ٱصْنَعِ ٱلْفُلْكَ }: ملتبسا { بِأَعْيُنِنَا }: بحفظنا { وَوَحْيِنَا }: بتعليم صنعته { فَإِذَا جَآءَ أَمْرُنَا }: بعذابهم { وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ فَٱسْلُكْ }: أدخل { فِيهَا مِن كُلٍّ }: من الحيوانات المنتفعة { زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ }: كما مر { وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ مِنْهُمْ }: بهلاكه وهو ابنه وزوجته { وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي }: إنجاء { ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ }: كما مر { فَإِذَا ٱسْتَوَيْتَ }: استقررت { أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى ٱلْفُلْكِ فَقُلِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي نَجَّانَا مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ * وَقُل رَّبِّ أَنزِلْنِي }: فيها أو منها { مُنزَلاً }: إنزالا وبالفتح إظهر { مُّبَارَكاً }: موجبا لمزيد الخير { وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْمُنزِلِينَ }: خصه بالأمرين إظهارا لشرفه فإن دعاءه يغني عن دعاء غيره { إِنَّ فِي ذٰلِكَ }: المفعول بهم { لآيَاتٍ }: لانتقامنا { وَإِن }: إنه { كُنَّا لَمُبْتَلِينَ }: مختبرين عبادنا لننظر من يعتبر { ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ }: ثمود { فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ }: صالحا { أَنِ }: بأن { ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ }: عذابه { وَقَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِلِقَآءِ ٱلآخِرَةِ }: البعث { وَأَتْرَفْنَاهُمْ }: نَعَمناهم { فِي ٱلْحَيـاةِ ٱلدُّنْيَا مَا هَـٰذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ }: منه { وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِّثْلَكُمْ }: في ترك دينكم { إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ * أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَاباً وَعِظاماً }: بلا لحم { أَنَّكُمْ مُّخْرَجُونَ }: من القبر { هَيْهَاتَ }: بعد { هَيْهَاتَ }: بعد { لِمَا تُوعَدُونَ }: اللام للبيان { إِنْ هِيَ }: لا حياة { إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا نَمُوتُ }: يموت بعضنا { وَنَحْيَا }: يُولَدُ بعضنا { وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ * إِنْ هُوَ }: ما الرسول { إِلاَّ رَجُلٌ ٱفتَرَىٰ عَلَىٰ ٱللَّهِ كَذِباً }: في وعد العبث { وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ }: مصدقين { قَالَ }: يا { رَبِّ ٱنْصُرْنِي }: بإهلاكهم { بِمَا كَذَّبُونِ }: كما مر { قَالَ }: الله { عَمَّا }: عن زمان { قَلِيلٍ لَّيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ }: على التكذيب { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّيْحَةُ }: فماتوا، كما مر { بِٱلْحَقِّ }: بالعدل لا ستحقاقهم { فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَآءً }: كما يحمله السيل من الأوراق البالية المسودة { فَبُعْداً }: هلاكا { لِّلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ * ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قُرُوناً }: أمما { آخَرِينَ }: كبني إسرائيل، كان فيهم الرسل قبل موسى { مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا }: أَجَل إهلاكها { وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ }: بين مرة { ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا }: متواترين واحدا بعد واحد، أصلها: وترى { كُلَّ مَا جَآءَ أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ }: أي: أكثرهم { فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضاً }: في الإهلاك { وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ }: جمع أُحْدُوْثة ما يتحدث به تلهيا وتعجبا، أو لحديث أى: ما بقى منهم إلا الحكايات { فَبُعْداً لِّقَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ * ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا }: التسع { وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ }: حجة واضحة { إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَٱسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً عَالِينَ }: متكبرين { فَقَالُوۤاْ أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا }: بنو إسرائيل { لَنَا عَابِدُونَ }: خادومون { فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُواْ مِنَ ٱلْمُهْلَكِينَ }: بالغرق { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ ٱلْكِتَابَ }: التوراة بعد غرقهم { لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ * وَجَعَلْنَا ٱبْنَ مَرْيَمَ }: ذاته { وَأُمَّهُ آيَةً }: دالة على كمال قدرتنا أو كلاهما وهي ولادته بلا فحل { وَآوَيْنَاهُمَآ إِلَىٰ رَبْوَةٍ }: مكان مرتفع { ذَاتِ قَرَارٍ }: مستقر من الأرض { وَ }: ماء { مَعِينٍ }: ظاهر جارٍ، هي بيت المقدس، قيل: هو أقرب الأرض من السماء { يٰأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ }: خاطب به كل نبي في زمانه { كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَاتِ }: المستلذات الحلالات لا كالرهبانية { وَٱعْمَلُواْ صَالِحاً }: فإنه المقصود { إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ * وَ }: اعلموا { وَإِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ }: ملتكم { أُمَّةً }: ملة { وَاحِدَةً }: هي الدعوة إلى التوحيد { وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فَٱتَّقُونِ }: في مخالفة الكلام