الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم
لمَّا أمَرَ بتعظيم الرَّسول بقوله: { لاَّ تَجْعَلُواْ دُعَآءَ ٱلرَّسُولِ }، افتتح السورة بما ينبئ عن كمال تكريمه فقال: { بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ * تَبَارَكَ }: تكاثر خيرا أو تعالى أو دام { ٱلَّذِي نَزَّلَ }: منجما { ٱلْفُرْقَانَ }: القرآن الفارق بين الحق والباطل، أو المنزل مفرقا { عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ }: العبد { لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً }: منذرا { ٱلَّذِي لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي المُلْكِ }: كما مر { وَخَلَقَ }: أحدث { كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ }: هيأه لما اراد منه أو سواه { تَقْدِيراً * وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ آلِهَةً }: الأصنام { لاَّ يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلاَ يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ ضَرّاً }: أي: دفعة { وَلاَ نَفْعاً }: أي: جلبة { وَلاَ يَمْلِكُونَ مَوْتاً }: إماته { وَلاَ حَيَـاةً }: إحياء { وَلاَ نُشُوراً }: إحياء بعد الموت { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنْ }: ما { هَـٰذَا }: القرآن { إِلاَّ إِفْكٌ ٱفْتَرَاهُ }: محمد { وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ }: كما مر { فَقَدْ جَآءُوا ظُلْماً وَزُوراً }: افتراء { وَقَالُوۤاْ }: هذا { أَسَاطِيرُ }: أكاذيب { ٱلأَوَّلِينَ ٱكْتَتَبَهَا }: انتسخها بغيره { فَهِيَ }: الأساطير { تُمْلَىٰ }: تقرأ { عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً }: أي: دائما فإنه أمي لا يكرره من الكتاب { قُلْ أَنزَلَهُ ٱلَّذِي يَعْلَمُ ٱلسِّرَّ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ }: خصها لما مر { إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً }: للمؤمنين { رَّحِيماً }: بهم { وَقَالُواْ }: تهكما { مَالِ هَـٰذَا ٱلرَّسُولِ يَأْكُلُ ٱلطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي ٱلأَسْوَاقِ }: فليس بالملك ولا ملك { لَوْلاۤ }: هلا { أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ }: نراه { فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً }: يصدقه { أَوْ يُلْقَىٰ إِلَيْهِ كَنْزٌ }: يغنيه { أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ }: بستان { يَأْكُلُ مِنْهَا }: هذا على سبيل التنزل { وَقَالَ ٱلظَّالِمُونَ }: أي: قالوا المؤمنين { إِن }: ما { تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً }: سحر فغلب على عقله { ٱنظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ ٱلأَمْثَالَ }: أي: المذكور { فَضَلُّواْ }: عن الحق { فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً }: إليه { تَبَارَكَ }: تكاثر خيره { ٱلَّذِيۤ إِن شَآءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِّن ذٰلِكَ }: الذي قالوا في الدنيا، ولكنه أخره إلى العقبي لأنها أبقى { جَنَّاتٍ }: بدل من خيرا { جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ وَيَجْعَل لَّكَ قُصُوراً * بَلْ كَذَّبُواْ بِٱلسَّاعَةِ }: القيامة ولذا يكذبونك { وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بِٱلسَّاعَةِ سَعِيراً }: نارا شديدة { إِذَا رَأَتْهُمْ }: بعينها كما في الحديث { مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ }: مسيرة خمسمائة سنة { سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً }: غليانا كما للغضبان { وَزَفِيراً }: هو صوت يسمع من جوف المغتاظ عند شدته { وَإَذَآ أُلْقُواْ مِنْهَا }: حال من { مَكَاناً ضَيِّقاً }: كالوتد في الحائط { مُّقَرَّنِينَ }: قرنت أيديهم إلى أعناقهم بالسلاسل { دَعَوْاْ هُنَالِكَ ثُبُوراً }: هلاكا، فيقال بهم { لاَّ تَدْعُواْ ٱلْيَوْمَ ثُبُوراً وَاحِداً }: أي: مرة { وَٱدْعُواْ ثُبُوراً كَثِيراً }: لدوام عذابكم { قُلْ أَذٰلِكَ }: العَذابُ { خَيْرٌ }: { أَمْ جَنَّةُ ٱلْخُلْدِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ }: أي: بين لهم جزاء ولغيرهم برضاهم تفضل، أو المراد: المتقون عن الكفر { كَانَتْ لَهُمْ جَزَآءً }: على أعمالهم { وَمَصِيراً }: مرجعا { لَّهُمْ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ خَالِدِينَ كَانَ }: ما يشاءون { عَلَىٰ رَبِّكَ وَعْداً مَّسْئُولاً }: بقولهم: { رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا } }: [آل عمران: 194] إلى آخره بقول الملائكة: { { رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ } }: [غافر: 8] إلى آخره { وَ }: اذكر { يَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ }: من ذوي العقول، جاء بها تحقيرا { فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاَءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا ٱلسَّبِيلَ }: بأنفسهم { قَالُواْ }: تعجبا { سُبْحَانَكَ }: عن الشريك { مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَآ أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَآءَ حَتَّىٰ }: فكيف نأمر بعبادتنا { وَلَـٰكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَآءَهُمْ }: بالنعم { نَسُواْ ٱلذِّكْرَ }: أي: ذكرك لانهماكهم في الشهوات، حاصلة: أنت حملتهم عليه حتى اكتسصبوا، فهو حجة لنا لا للمعتزلة { وَكَانُواْ قَوْماً بُوراً }: هالكين أو فاسدين فيقول تعالى للكفار { فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ }: آلهتكم { بِمَا }: أي: فيها { تَقُولُونَ }: يعني هؤلاء أضلونا بالغيبة يعني: سبحانك - إلى أخره { فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً }: للعذاب أو الحيلة { وَلاَ نَصْراً }: لكم { وَمَن يَظْلِم }: يشرك { مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَاباً كَبِيراً * وَمَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ }: رسولا { قَبْلَكَ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ إِلاَّ }: والحال { إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ ٱلطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي ٱلأَسْوَاقِ }: رد لقولهم ما لهذا إلى آخره { وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ }: أيهما الناس { لِبَعْضٍ فِتْنَةً }: امتحانا كالفقير والصحيح والشريف بمقابليهم والنبي بأمته فيقول المقابل: مالي لست كالآخر { أَتَصْبِرُونَ }: على هذه الفتنة؟ أي: اصبروا { وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً }: بكم