لمَّا بَيَّن أن القرآن تنزيلٌ من رب العالمينَ، وبَيَّن حِفْظهُ من الشَّياطين، وأنه ليس بقول شاعر، بَيَّن عظمة شَأْنه فقال: {بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ * طسۤ}: كما مر {تِلْكَ}: الآيات {آيَاتُ ٱلْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ}: اللوح المبين لناظريه ما هو كائن، نكره تعظيما، وبين في الحجر {هُدًى}: مزيد هداية {وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ * ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَهُم بِٱلآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ}: أفهم بتغيير الأسلوب قوة يقينهم ودوامه {إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ}: القبيحة بخلق شهوتها، فلا ينافي: أي: بوسوسته {فَهُمْ يَعْمَهُونَ}: فلا يدركون قبحها {أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَهُمْ سُوۤءُ ٱلْعَذَابِ وَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ هُمُ ٱلأَخْسَرُونَ * وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى}: تُوْتَى {ٱلْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ}: اشعر بأن القرآن حكمه كالعقائد والشرائع ومنه غيرها كالقصص، وذكر المغيبات، اذكر {إِذْ قَالَ مُوسَىٰ لأَهْلِهِ}: في مسيره من مَدْينَ إلى مصر {إِنِّيۤ آنَسْتُ}: أبصرت {نَاراً سَآتِيكُمْ}: أفهم بالسين بعد المسافة {مِّنْهَا}: من أهلها {بِخَبَرٍ}: عن الطريق {أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ}: شعلة {قَبَسٍ}: نار مقتبسة من نار {لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ}: تستدفئون بها، قاله من قوة الرجاء فلا ينافي طلبه {فَلَمَّا جَآءَهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ}: قدس {مَن فِي ٱلنَّارِ}: عن ابن عباس وغيره أنه هو - تعالى -، والنار نوره، أي: أسمعه النداء من جهتها {وَمَنْ حَوْلَهَا}: الملائكة، ولكل تقديس يليق به، وفي التوراة: "جاء الله من سيناء، وأشرق من ساعير، واستعلن من فاران"، أي: جاءت منها آيته ورحمته، وبعث عيسى من ساعير ومحمد عليهما الصلاة والسلام من فاران جبال مكة {وَسُبْحَانَ ٱللَّهِ}: عن كونه مكانيا {رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ * يٰمُوسَىٰ إِنَّهُ}: النار {أَنَا ٱللَّهُ ٱلْعَزِيزُ}: القادر على ما يبعد من الأوهام {ٱلْحَكِيمُ}: في أفعالي {وَ}: نودي: أنْ {أَلْقِ عَصَاكَ}: فألقاها {فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ}: تتحرك مضطربا {كَأَنَّهَا جَآنٌّ}: حية خفيفة في السرعة مع عظمها {وَلَّىٰ}: هرب {مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ}: لم يرجع نودي: {يٰمُوسَىٰ لاَ تَخَفْ إِنِّي لاَ يَخَافُ لَدَيَّ ٱلْمُرْسَلُونَ}: من شيء لاستغراقهم في {إِلاَّ}: لكن {مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ}: ظلمه {حُسْناً}: بالتوبة {بَعْدَ سُوۤءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ}: به، تعريض بوكزة القبطي {وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ}: إذ كان درعه بلاكم، أو قميصك {تَخْرُجْ بَيْضَآءَ}: كقطعة قمر {مِنْ غَيْرِ سُوۤءٍ}: كبرصٍ {فِي}: جملة {تِسْعِ آيَاتٍ}: كما مر، والأولى جعل الجدب والنقصان آية، والجراد والقمل آية، وإلا فهي إحدى عشر مرسلا {إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ * فَلَمَّا جَآءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً}: بينة، مجاز للمبالغة {قَالُواْ هَـٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ * وَجَحَدُواْ}: لم يقروا {بِهَا وَ}: قد {ٱسْتَيْقَنَتْهَآ أَنفُسُهُمْ}: أنها آيات الله {ظُلْماً وَعُلُوّاً}: تكبروا {فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ * وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً}: عظيما، فشكرا {وَقَالاَ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي فَضَّلَنَا}: بهذه النَّعم {عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ}: من عبادنا {ٱلْمُؤْمِنِينَ * وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ}: من {دَاوُودَ}: علمه ونبوته وملكه من بنية التسعة عشر {وَقَالَ}: تعداداً للنَّعم: {يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ}: المنطق: كل لفظ يعبر به عما في ضمير وعنى به هنا ما يقصد بصوته كتفاهم بعضه عن بعض، وخصه مع كون كل حيوان وشجر كذلك؛ لكونه معه يضلله {وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ}: مجاز عن الكثرة، وجمع لنفسه ولأبيه، أو رعاية لقواعد السياسة كالمُلُوك {إِنَّ هَـٰذَا}: المؤتى {لَهُوَ ٱلْفَضْلُ ٱلْمُبِينُ}: الظاهر {وَحُشِرَ}: جمع { لِسْلَيْمَانَ جُنُودُهُ}: قيل: كانوا في مائة فرسخ، وعشرين للإنس، ومثله للجن ومثليه لغيرهما {مِنَ ٱلْجِنِّ}: كانوا حول الإنْس {وَٱلإِنْس}: كانوا حوله {وَٱلطَّيْرِ}: كان يظلله {فَهُمْ يُوزَعُونَ}: يجمعون، ثم يساقون، فساروا {حَتَّىٰ إِذَآ أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ ٱلنَّمْلِ}: بالشام أو الطائف {قَالَتْ نَمْلَةٌ}: ملكتهم: {يٰأَيُّهَا ٱلنَّمْلُ ٱدْخُلُواْ مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ}: لا تكونوا بحيث يحطمكم ويكسركم {سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ}: بحطمكم {فَتَبَسَّمَ}: إلى أن صار {ضَاحِكاً}: أو متعجبا {مِّن قَوْلِهَا}: قيل: سمعه من ثلاثة أميال فحبس جنده حتى دخلوا بيوتهم {وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِيۤ}: ألهمني {أَنْ}: أي: أو بمعنى بأن {أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ ٱلَّتِيۤ أَنْعَمْتَ}: بها {عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي}: عداد {عِبَادِكَ ٱلصَّالِحِينَ}: كما مر، قيل: لما أتم بيت المقدس حج ثم خرج من مكة صباحا ودخل صَنْعاءَ ظهيرة فاعجبته وما وجد فيها الماء لوضوءه