الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم
{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ}: التوراة {مِن بَعْدِ مَآ أَهْلَكْنَا ٱلْقُرُونَ ٱلأُولَىٰ}: القبط وثمود وغيرهم {بَصَآئِرَ لِلنَّاسِ}: أنوارا لقلوبهم {وَهُدًى}: إلى الحق {وَرَحْمَةً}: لمن عمل به {لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}: به {وَمَا كُنتَ}: يا محمد {بِجَانِبِ}: الطور {ٱلْغَرْبِيِّ}: حاضرا،هو موضوع تكليمه {إِذْ قَضَيْنَآ}: أوحينا {إِلَىٰ مُوسَى ٱلأَمْرَ}: الرسالة {وَمَا كنتَ مِنَ}: جملة السبعين {ٱلشَّاهِدِينَ}: فلا تعرفه إلا بوحينا، فكيف يكذبونك؟ {وَلَكِنَّآ أَنشَأْنَا قُرُوناً}: بعد موسى {فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ ٱلْعُمُرُ}: فنسوا العهد واندرست العلوم، فلذا يكذبونك بجهلهم {وَمَا كُنتَ ثَاوِياً}: مقيما {فِيۤ أَهْلِ مَدْيَنَ}: قوم شعيب {تَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا}: تعلما منهم لتحكي {وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ}: إليك أخبارهم {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ ٱلطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا}: موسى لإعطاء التوراة، {وَلَـٰكِن}: علمناك {رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ}: من زمان عيسى، وبينهما ستمائة سنة، أو زمن إسماعيل، إذا لم تعم دعوة موسى وعيسى {لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * وَلَوْلاۤ}: امتناعية {أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ}: عقوبة {بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ}: من أعمالهم {فَيَقُولُواْ}: حين أصيبوا {رَبَّنَا لَوْلاۤ}: هلا {أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ}: لما أرسَلْناك، فإرسالك لقطع عذرهم {فَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلْحَقُّ}: محمد {مِنْ عِندِنَا قَالُواْ}: عنادا: {لَوْلاۤ}: هلَّا {أُوتِيَ مِثْلَ مَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ}: كالعصا وغيره (أَ) لم يؤت موسى ذلك {أَوَلَمْ يَكْفُرُواْ}: أبناء جنسهم {بِمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ مِن قَبْلُ قَالُواْ}: في موسى وهارون ومحمد أو في كتابيهما: {سِحْرَانِ}: على الأول للمبالغة {تَظَاهَرَا}: تعاونا في الخوارق {وَقَالُواْ إِنَّا بِكُلٍّ}: منهما {كَافِرُونَ * قُلْ فَأْتُواْ بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ هُوَ أَهْدَىٰ مِنْهُمَآ}: الكاتبين {أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}: فيه {فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكَ}: في طلب الإتيان به {فَٱعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَآءَهُمْ}: لا الحجة {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ ٱتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى}: بلا أصل {مِّنَ ٱللَّهِ}: للتأكيد أو التقييد {إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ}: باتباعهم هواهم إلى النجاة {وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ ٱلْقَوْلَ}: القرآن، اتبعنا بعضه بعضا في الإنزال {لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}: فيطيعون {ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ}: قبل القرآن {هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ}: نزلت في مؤمني أهل الكتابين {وَإِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ}: القرآن {قَالُوۤاْ آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّنَآ إنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ}: لما عرفنا حقيته في كتابنا {أُوْلَـٰئِكَ يُؤْتُونَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُواْ}: على الإيمانين {وَيَدْرَؤُنَ بِٱلْحَسَنَةِ ٱلسَّيِّئَةَ}: منهم {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}: في الخير {وَإِذَا سَمِعُواْ ٱللَّغْوَ}: كشتم الكفار لهم {أَعْرَضُواْ عَنْهُ وَقَالُواْ}: للاعنين {لَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ}: سلام متاركة {لاَ نَبْتَغِي}: طريقة {ٱلْجَاهِلِينَ * إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ}: هدايه كأبي طالب {وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَآءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ}: بمن يستعد للهداية {وَقَالُوۤاْ}: قريش عذرا {إِن نَّتَّبِعِ ٱلْهُدَىٰ مَعَكَ نُتَخَطَّفْ}: نخرج بسرعة {مِنْ أَرْضِنَآ أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ}: نجعل مكانهم {حَرَماً آمِناً}: هم آمنون فيه من السطوات ببركة البيت مع كفرهم، فكيف إذا أسلموا {يُجْبَىٰ}: يحمل {إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ}: مجاز عن الكثرة {رِّزْقاً}: لهم {مِّن لَّدُنَّا وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ}: جهلة ولذا يعتذرون بذلك {وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن}: أهل {قَرْيَةٍ بَطِرَتْ}: طغت {مَعِيشَتَهَا}: في معيشتها {فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلاَّ}: سكنا {قَلِيلاً}: للمسافرة {وَكُنَّا نَحْنُ ٱلْوَارِثِينَ}: لا ستئصالهم {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ ٱلْقُرَىٰ}: بظلم أهلها {حَتَّىٰ يَبْعَثَ فِيۤ أُمِّهَا}: أصلها؛ لتنشر الأخبار منها إلى القرى تتبعها {رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا}: فإن أنكرو نعذبهم {وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي ٱلْقُرَىٰ إِلاَّ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ}: بمعصية الرسول {وَمَآ أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ}: دنيوي {فَمَتَاعُ}: فَتمتعٌ في {ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِندَ ٱللَّهِ}: ثوابه {خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ}: أن الباقي خيرا {أَفَمَن وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً}: بحسن الموعود كالجنة {فَهُوَ لاَقِيهِ}: مدركه {كَمَن مَّتَّعْنَاهُ مَتَاعَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ مِنَ ٱلْمُحْضَرِينَ}: للحساب {وَ}: اذكر {يَوْمَ يُنَادِيهِمْ}: الله {فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ}: شركتهم {قَالَ ٱلَّذِينَ حَقَّ}: وجب {عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ }: بالعذاب من رؤساء الضلالة {رَبَّنَا هَـٰؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ أَغْوَيْنَآ أَغْوَيْنَاهُمْ}: فغووا {كَمَا غَوَيْنَا}: أي: باختبارهم بلا إكراه منا {تَبَرَّأْنَآ إِلَيْكَ}: منهم {مَا كَانُوۤاْ إِيَّانَا يَعْبُدُونَ}: بل عبدوا أهواءهم {وَ}: لما أجابوا غير مطابق {قِيلَ ٱدْعُواْ شُرَكَآءَكُمْ}: آلهتكم لينجوكم {فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُمْ}: لعجزهم {وَرَأَوُاْ}: كلهم {ٱلْعَذَابَ لَوْ}: أي: تمنوا {أَنَّهُمْ كَانُواْ يَهْتَدُونَ * وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ}: الله {فَيَقُولُ مَاذَآ أَجَبْتُمُ ٱلْمُرْسَلِينَ * فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ ٱلأَنبَـآءُ}: المنجية لا يهتدون إليها، وأصله: عموا عنها، فعكس مبالغة {يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لاَ يَتَسَآءَلُونَ}: أي: بععضهم بعضا للدهشة {فَأَمَّا مَن تَابَ}: من الشرك {وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَعَسَىٰ أَن يَكُونَ مِنَ ٱلْمُفْلِحِينَ}: كما مر {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ}: للمشركين {ٱلْخِيَرَةُ}: التخيير إذا اختيارنا بخلقه -تعالى- أو اختيار شيء عليه إذ نزل لقولهم: { لَوْلاَ نُزِّلَ هَـٰذَا } }: [الزخرف: 31] إلى أخره {سُبْحَانَ ٱللَّهِ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ * وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ}: تخفي {صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ * وَهُوَ ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ ٱلْحَمْدُ فِي ٱلأُولَىٰ}: الدنيا {وَٱلآخِرَةِ}: لأنه المنهم فيهما {وَلَهُ ٱلْحُكْمُ}: القضاء النافذ {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}: بالنشور