الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم
{وَللَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * إِنَّ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ}: وعجائبها، أي: كما مر، {وَٱخْتِلاَفِ ٱلَّيلِ وَٱلنَّهَارِ}: طولاً وقصراً، وتخصيص الليلة لشمولها أنواع التغيير، أي: في الذات كالليل والنهار، وفي جزء كصور العناصر، وفي الخارج كأوضاع الفلك، وهو الجزء الخارج، وهو مناط الاستدلال، {لآيَاتٍ}: دلائل، {لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ}: على وجوده ووحدته، وعلمه وقدرته تعالى في الحديث: "ويل لمن قرأها ولم يتفَكَّرْ فيها" ، {ٱلَّذِينَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ}: يُصَلُّوْنَ، {قِيَاماً}: قائمين، {وَقُعُوداً}: قاعدين إن لم يقدروا، {وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ}: إن لم يقدروا قائماً وقاعداً ومتطجعاً، المراد ذكره دائماً، {وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ}: مستدلين قائلين: {رَبَّنَآ مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً}: عبثاً، بل لحكم، {سُبْحَانَكَ}: تنزيلها لك من العبث، {فَقِنَا}: أشار بالفاء إلى أن علمنا به حملنا على الاستعاذة، {عَذَابَ النَّارِ * رَبَّنَآ إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ ٱلنَّارَ}: للخلود، {فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ}: أهنته غاية، وأما إدخال المؤمن فالتطهير، وأفهم أن العذاب الروحاني أفظع، والخِزْي: لحوق انكسار إما من نفسك، وهو الحياء المفرط، أو من غيرك وهو نوع من الاستحقاق والآية تحتملها، ولا يلزم منه ومن قوله تعالى: { يَوْمَ لاَ يُخْزِى ٱللَّهُ ٱلنَّبِيَّ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ } }: [التحريم:8] ألا يدخل مؤمن في النار؛ لأنَّه من الخزاية، وهي النكال والفضيحة، وكل من يدخل النار يهان، ولا يلزم أن يعطف الذين على النبي ويمكن أن قوله: {ٱلَّذِينَ}: ابتداء كلام، {وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ}: يخلصونهم، ولا يلزم منه نفي الشفاعة كما للمعتزلة، لأنها طلب دفع على سبيل التخضع، والأول دَفْعٌ بقهر {رَّبَّنَآ إِنَّنَآ سَمِعْنَا مُنَادِياً}: محمداً أو القرآن، {يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ} أي: بأن، {آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا}: وهو بمجرد الفضل، {وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا}: وهو محوها بالحسنات أو الأول في الكبائر، والثاني في الصغائر، تكرار، {وَتَوَفَّنَا}: محشورين، {مَعَ ٱلأَبْرَارِ * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَىٰ}: ألسنة، {رُسُلِكَ}: من الفضل والدعاء بما هو كائن للتخضع، وهو استعجال للنصر الموعود، وهو غير مؤقت، {وَلاَ تُخْزِنَا}: تَفْضَحْنَا، {يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ ٱلْمِيعَادَ}: بإثابة المؤمن.