التفاسير

< >
عرض

وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَآ أَنتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ
٢٠
وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوۤاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
٢١
وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱخْتِلاَفُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ
٢٢
وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِٱلَّيلِ وَٱلنَّهَارِ وَٱبْتِغَآؤُكُمْ مِّن فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ
٢٣
وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ ٱلْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَيُحْيِي بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ
٢٤
وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ ٱلسَّمَآءُ وَٱلأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِّنَ ٱلأَرْضِ إِذَآ أَنتُمْ تَخْرُجُونَ
٢٥
وَلَهُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ
٢٦
وَهُوَ ٱلَّذِي يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ ٱلْمَثَلُ ٱلأَعْلَىٰ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
٢٧
ضَرَبَ لَكُمْ مَّثَلاً مِّنْ أَنفُسِكُمْ هَلْ لَّكُمْ مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِّن شُرَكَآءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَآءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ
٢٨
بَلِ ٱتَّبَعَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ أَهْوَآءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ ٱللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ
٢٩
فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ ٱللَّهِ ذَلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ
٣٠
مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَٱتَّقُوهُ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ
٣١
مِنَ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ
٣٢
وَإِذَا مَسَّ ٱلنَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْاْ رَبَّهُمْ مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَآ أَذَاقَهُمْ مِّنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ
٣٣
لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ
٣٤
أَمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُواْ بِهِ يُشْرِكُونَ
٣٥
وَإِذَآ أَذَقْنَا ٱلنَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُواْ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ
٣٦
أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
٣٧
فَآتِ ذَا ٱلْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَٱلْمِسْكِينَ وَٱبْنَ ٱلسَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ ٱللَّهِ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ
٣٨
وَمَآ آتَيْتُمْ مِّن رِّباً لِّيَرْبُوَاْ فِي أَمْوَالِ ٱلنَّاسِ فَلاَ يَرْبُواْ عِندَ ٱللَّهِ وَمَآ آتَيْتُمْ مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ ٱللَّهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُضْعِفُونَ
٣٩
ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَفْعَلُ مِن ذَٰلِكُمْ مِّن شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ
٤٠
-الروم

الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم

{ وَمِنْ آيَاتِهِ }: الدالة على كمال قدرته { أَنْ خَلَقَكُمْ }: أصلكم { مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَآ أَنتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ }: في الأرض { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ }: جنس { أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوۤاْ }: لتميلوا { إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً }: بمجرد الزواج بخلاف باقي الحيوانات { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }: فيه { وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱخْتِلاَفُ أَلْسِنَتِكُمْ }: لغاتكم، أو أجناس نطقكم كيفية { وَأَلْوَانِكُمْ }: هيأتكم مع اتحاد الوالدين { إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ * وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِٱلَّيلِ }: لا ستراحة القوى النفسانية والقوة الطبيعية { وَٱلنَّهَارِ وَٱبْتِغَآؤُكُمْ مِّن فَضْلِهِ }: للمعيشة فيهما، أو لف ونشر { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ }: سماع اعتبار { وَمِنْ آيَاتِهِ }: أنه { يُرِيكُمُ ٱلْبَرْقَ }: حال كونه { خَوْفاً }: من الصواعق { وَطَمَعاً }: في المطر { وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَيُحْيِي بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }: يستعملون عقولهم فيها { وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ ٱلسَّمَآءُ وَٱلأَرْضُ بِأَمْرِهِ }: بمجرد إدارته { ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِّنَ ٱلأَرْضِ }: بنفخ الصور للبعث { إِذَآ أَنتُمْ تَخْرُجُونَ }: أي: منها إلى سريعا { وَلَهُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ }: خلقا وملكا { كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ }: منقادون { وَهُوَ ٱلَّذِي يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ }: رجعة { أَهْوَنُ }: من البدء، نظرا إلى قياسكم أو: هين { عَلَيْهِ }: وقيل: الضمير للخلق { وَلَهُ ٱلْمَثَلُ }: الوصف { ٱلأَعْلَىٰ }: كالتوحيد وكمال القدرة { فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ }: بصفة ما فيها دلالة ونطقا { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ }: في ملكه { ٱلْحَكِيمُ }: في فعله { ضَرَبَ }: جعل { لَكُمْ }: في فساد الشرك { مَّثَلاً }: منتزعا { مِّنْ }: أحوال { أَنفُسِكُمْ }: هي { هَلْ }: ترضون { لَّكُمْ مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ }: مما ليككم { مِّن شُرَكَآءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَآءٌ }: أي: فتكونون معهم مستويين في التصرف { تَخَافُونَهُمْ }: أن تستفيدوا بتصرف فيه { كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ }: أي: كخفية الأحرار بعضهم من بعض، فكيف تجعلون عبيدي شركائي { كَذَلِكَ }: التفصيل { نُفَصِّلُ }: نبين { ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }: يستعملون عقولهم فيها { بَلِ ٱتَّبَعَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ }: بالشرك { أَهْوَآءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ }: يكفيهم { فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ ٱللَّهُ }: أراد إضلاله { وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ }: يخلصونهم من الضلالة { فَأَقِمْ وَجْهَكَ }: أي: أنت مع أمتك، وخصه؛ لأنه رأسهم { لِلدِّينِ حَنِيفاً }: مائلا من غيره تمثيل للاستقامة عليه، الْزَمْ { فِطْرَتَ ٱللَّهِ }: خلقته { ٱلَّتِي فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيْهَا }: أي: قبولهم للحق أو ملة الإسلام إذ كل مولود يولد عليها أي: ملة الإسلام { لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ ٱللَّهِ }: أي: لا يقدر أحدٌ أو أن يبدله { ذَلِكَ }: المأمور { ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ }: المستقيم { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }: ذلك لعدم تدبرهم { مُنِيبِينَ }: أي: أقيموا راجعين مرة بعد أخرى، أو منقطعينَ { إِلَيْهِ وَٱتَّقُوهُ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ }: والجموع كما في: { رَبِّ ٱرْجِعُونِ } [المؤمنون: 99]، أو الخطاب له ولأمته { مِنَ ٱلَّذِينَ }: بدل من المشركين { فَرَّقُواْ دِينَهُمْ }: لاختلاف أهوائهم { وَكَانُواْ شِيَعاً }: فرقا { كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ }: ظنا بأنه الحق { وَإِذَا مَسَّ ٱلنَّاسَ ضُرٌّ }: شدة { دَعَوْاْ رَبَّهُمْ مُّنِيبِينَ }: راجعين { إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَآ أَذَاقَهُمْ مِّنْهُ رَحْمَةً }: بالخلاص منه { إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ * لِيَكْفُرُواْ }: لام العاقبة أو أمر تهديد { بِمَآ آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ }: عاقبتكم { أَمْ }: بل { أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً }: حجة { فَهُوَ يَتَكَلَّمُ }: ينطق { بِمَا }: بصحة ما { كَانُواْ بِهِ يُشْرِكُونَ * وَإِذَآ أَذَقْنَا ٱلنَّاسَ رَحْمَةً }: نعمة { فَرِحُواْ بِهَا }: بطرا، ذاهلين به عن شكرها { وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ }: شدة { بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ }: من المعاصي { إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ }: من الرحمة { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ }: بسطه له { وَيَقْدِرُ }: يضيق لمن يشاء اختبارا { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }: فإنهم ينتفعون بها { فَآتِ }: أنت مع أمتك { ذَا ٱلْقُرْبَىٰ }: القرابة { حَقَّهُ }: أي: من الصلة فلا يدل على وجوب النفقة للمحارم { وَٱلْمِسْكِينَ وَٱبْنَ ٱلسَّبِيلِ }: من الصدقة { ذَلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ ٱللَّهِ }: ثوابه { وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ * وَمَآ آتَيْتُمْ }: أعطيتم وبالقصر أي: جئتم به { مِّن }: إعطاء { رِّباً }: عطية لتعطوا أكثر منها { لِّيَرْبُوَاْ }: ليزيد المربى { فِي أَمْوَالِ ٱلنَّاسِ فَلاَ يَرْبُواْ عِندَ ٱللَّهِ }: لا يثيب عليه، وإن لم يحرم، وقيل: هو في إعطاء الربا { وَمَآ آتَيْتُمْ مِّن زَكَاةٍ }: صدقة { تُرِيدُونَ }: به { وَجْهَ ٱللَّهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُضْعِفُونَ }: ذووا الأضعاف والالتفات للتعظيم { ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَفْعَلُ مِن ذَٰلِكُمْ مِّن شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ }: به