الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم
{ظَهَرَ ٱلْفَسَادُ}: من نحو الفتن وقلة البركة {فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ}: كالظلم والجدب والغرق، وموت دوابهما، وقلة اللؤلؤ، لقلة المطر أو في الصحاري والأمصار، أو المدن والجزائر {بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي ٱلنَّاسِ}: من المعاصي {لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ}: جزاء {ٱلَّذِي عَمِلُواْ}: والباقي في الآخرة {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}: فلا نذيقهم الباقي {قُلْ سِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَٱنْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلُ}: ليعتبروا {كَانَ أَكْثَرُهُمْ}: به {مُّشْرِكِينَ}: أهلكناهم بشركهم {فَأَقِمْ وَجْهَكَ}: كما مر {لِلدِّينِ ٱلْقِيِّمِ}: المستقيم {مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ مَرَدَّ لَهُ مِنَ ٱللَّهِ}: من جهته متعلق يأتي او مرد {يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ}: يتفرقون إلى الجنة أو النار {مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ}: أي: وباله {وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ}: يسوون منازلهم في الجنة {لِيَجْزِيَ}: متعلق يصدعون {ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ مِن فَضْلِهِ}: لا لموجب {إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْكَافِرِينَ}: أفهم محبته للمؤمنين {وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ ٱلرِّيَاحَ}: الشمال والصبا والجنوب {مُبَشِّرَاتٍ}: بالمطر ليبشركم {وَلِيُذِيقَكُمْ مِّن رَّحْمَتِهِ}: بالمطر ونتائجه، وأما الدبور فريح عذاب، ومنه: "اللهُمَّ اجعلهَا لاَ رِيْحًا" {وَلِتَجْرِيَ ٱلْفُلْكُ}: إذا لا تسير بلا رياح {بِأَمْرِه}: بإدارته {وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ}: بالتجارة فيه {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}: نعمه {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَىٰ قَوْمِهِمْ فَجَآءُوهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ}: من المعجزات فكذبوهم {فَٱنتَقَمْنَا مِنَ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُواْ}: بالتكذيب {وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ ٱلْمُؤْمِنينَ}: عليهم بتدميرهم {ٱللَّهُ ٱلَّذِي يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ فَتُثِيرُ}: تخرج {سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ فِي}: جهة {ٱلسَّمَآءِ كَيْفَ يَشَآءُ}: سائرا ومطبقا وغيرهما {وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً}: قطعا {فَتَرَى ٱلْوَدْقَ}: المطر {يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ}: وسطه {فَإِذَآ أَصَابَ بِهِ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ}: المطر {مِّن قَبْلِهِ}: تأكيد دل على بعد عهدهم بالمطر أو قبل الإرسال {لَمُبْلِسِينَ}: آيسين {فَٱنظُرْ إِلَىٰ آثَارِ رَحْمَتِ ٱللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَآ إِنَّ ذَلِكَ}: المحيي {لَمُحْيِ ٱلْمَوْتَىٰ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}: (وَ) الله {وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحاً}: أي: مضرة كما مر {فَرَأَوْهُ}: أي: أثر الريح وهو السحاب، مصفرة لا يمطر أو الزرع {مُصْفَرّاً لَّظَلُّواْ}: صاروا {مِن بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ}: نعمه حاصلة: يفرحون بالخصب يكفرون في الجدب {فَإِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ ٱلْمَوْتَىٰ وَلاَ تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا وَلَّوْاْ مُدْبِرِينَ}: كما مر {وَمَآ أَنتَ بِهَادِ ٱلْعُمْيِ}: قلوبا {عَن ضَلاَلَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلاَّ مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُّسْلِمُونَ}: كما مر {ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن ضَعْفٍ}: بالضم والفتح لغتان، وقيل: للبدن والقل، أي: جعل أسكم من الضعف، أو من نطفة ضعيفة او أطفالا {ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ}: ضعف النطفة أو الطفولية {قُوَّةً}: قوة الحياة، أو الشباب {ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً}: ضعف الكبر، ونكر؛ لأنه ليس عين الأول {وَشَيْبَةً}: سن الهرم {يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ}: ومنه الضعف والشباب وضدهما {وَهُوَ ٱلْعَلِيمُ}: بالكل {ٱلْقَدِيرُ}: على الكل {وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يُقْسِمُ}: يحلف {ٱلْمُجْرِمُونَ}: الكافرون المنكرون للبعث لدهشتهم {مَا لَبِثُواْ}: في قبورهم {غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ}: الصرف عن الصدق {كَانُواْ}: في الدنيا {يُؤْفَكُونَ}: يصرفون عن الحق {وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ وَٱلإِيمَانَ}: ردا عليهم: {لَقَدْ لَبِثْتُمْ}: على ما {فِي كِتَابِ ٱللَّهِ}: وهو { وَمِن وَرَآئِهِمْ بَرْزَخٌ } }، [المؤمنون: 100] أو هو متعلق العلم {إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْبَعْثِ فَهَـٰذَا يَوْمُ ٱلْبَعْثِ}: الذي أنكرتموه {وَلَـٰكِنَّكُمْ كُنتمْ لاَ تَعْلَمُونَ}: وقوعه {فَيَوْمَئِذٍ لاَّ ينفَعُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مَعْذِرَتُهُمْ}: في إنكاره {وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ}: أي: لا يطلب منهم إعتابهم، أي: إزالة العتب والغضب بالطاعة، أو عتباهم، أي: رجوعهم إليها {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا}: جعلنا {لِلنَّاسِ فِي هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ}: يرشدهم قطعا لمعذرتهم {وَلَئِن جِئْتَهُمْ}: يا محمد {بِآيَةٍ}: كآيات موسى {لَّيَقُولَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ}: عنادا: {إِنْ}: ما {أَنتُمْ إِلاَّ مُبْطِلُونَ}: ذوو الأباطيل {كَذَلِكَ}: الطبع {يَطْبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ}: لا يطلبون العلم ويصرون {فَٱصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ}: بنصرك {وَلاَ يَسْتَخِفَّنَّكَ}: لا يحملنك على الخفة والطيش {ٱلَّذِينَ لاَ يُوقِنُونَ}: بالقيامة بإذائهم، والله أعلم.