التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ تَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ هُدًى وَلاَ كِتَابٍ مُّنِيرٍ
٢٠
وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَآءَنَا أَوَلَوْ كَانَ ٱلشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ
٢١
وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى ٱللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ وَإِلَىٰ ٱللَّهِ عَاقِبَةُ ٱلأَمُورِ
٢٢
وَمَن كَفَرَ فَلاَ يَحْزُنكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ
٢٣
نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَىٰ عَذَابٍ غَلِيظٍ
٢٤
وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ قُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ
٢٥
لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِيُّ ٱلْحَمِيدُ
٢٦
وَلَوْ أَنَّمَا فِي ٱلأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ وَٱلْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
٢٧
مَّا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ
٢٨
أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يُولِجُ ٱلْلَّيْلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلْلَّيْلِ وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِيۤ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَأَنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
٢٩
ذَلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ ٱلْبَاطِلُ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلْكَبِيرُ
٣٠
أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱلْفُلْكَ تَجْرِي فِي ٱلْبَحْرِ بِنِعْمَتِ ٱللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِّنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ
٣١
وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَّوْجٌ كَٱلظُّلَلِ دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى ٱلْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَآ إِلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ
٣٢
يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ وَٱخْشَوْاْ يَوْماً لاَّ يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلاَ مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِٱللَّهِ ٱلْغَرُورُ
٣٣
إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ ٱلْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي ٱلأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَيمٌ خَبِيرٌ
٣٤
-لقمان

الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم

{ أَلَمْ تَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ }: بأن جعلهما من أسباب منافعكم { وَأَسْبَغَ }: أتم، وقريء في الشَّاذة بإبدال السين صادا، وجوازه مطرود في اجتماعها مع غين أو خاء أو قاف، ولو بفاصلة كصلخ وصقر { عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً }: تعرفونها { وَبَاطِنَةً }: لا تعرفونها أو محسوسة ومعقولة { وَ }: مع هذا { مِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي }: دين { ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ هُدًى }: من رسول { وَلاَ كِتَابٍ مُّنِيرٍ }: يضئ، بل بتقليد الجهلة { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَآءَنَا }: وتتبعونهم { أَوَلَوْ كَانَ ٱلشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ }: آبائهم { إِلَىٰ }: موجبات { عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ * وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى ٱللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ }: في عمله { فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ }: الحبل الأوثق الموصل إلى الله تعالى بلا انفصام { وَإِلَىٰ ٱللَّهِ عَاقِبَةُ ٱلأَمُورِ }: مرجعها { وَمَن كَفَرَ فَلاَ يَحْزُنكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوۤاْ }: بالجزاء { إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ }: فضلاً عن غيرها، فيجازي عليها { نُمَتِّعُهُمْ }: في الدنيا { قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ }: نلجئهم في الآخرة { إِلَىٰ عَذَابٍ غَلِيظٍ }: ثقيل عليهم { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ قُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ }: على تمام حجتي { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }: أنه يلزمهم { لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِيُّ }: عن عبادتهم { ٱلْحَمِيدُ }: المستحق للحمد وإن لم يحمد { وَلَوْ أَنَّمَا فِي ٱلأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ }: وحدها؛ لإرادة تفصيل آحادها { أَقْلاَمٌ }: لكتابة معلومات الله { وَٱلْبَحْرُ }: المحيط بسعته مدادا { يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ }: بعد نفاده { سَبْعَةُ أَبْحُرٍ }: والسبعة للكثرة أي: لو كُتبت بها معلوماته { مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ ٱللَّهِ }: وقد أفاد بجمع القلة انها لا تفي بقليلها، وبالغ في المداد لنفردها بالكتابة دون القلم { إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ }: لا يعجزه شيء { حَكِيمٌ }: في أفعاله { مَّا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ }: كخلقها وبعثها { إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ }: بالكل لا يشغله إدراك بعض ع بعض، فكذا خلقه { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يُولِجُ ٱلْلَّيْلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلْلَّيْلِ }: كما مر { وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُلٌّ }: منهما { يَجْرِيۤ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى }: القيامة، والفرق بين إلى واللام إفادة منتهى الجري، والغَرض منه { وَأَنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * ذَلِكَ }: الاختصاص بالقدرة التامة { بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ }: الثابت { وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ }: هو { ٱلْبَاطِلُ }: الزائل { وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْعَلِيُّ }: شأنا { ٱلْكَبِيرُ }:سلطانا { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱلْفُلْكَ تَجْرِي فِي ٱلْبَحْرِ }: مصحوبة { بِنِعْمَتِ ٱللَّهِ }: أي: بسبب رحمته { لِيُرِيَكُمْ مِّنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ }: على بلائه { شَكُورٍ }: على نعمائه { وَإِذَا غَشِيَهُمْ }: علاهم { مَّوْجٌ كَٱلظُّلَلِ }: كما يظل من نحو الجبال { دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى ٱلْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ }: عدل موحد، والباقي يجحدون الحق { وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَآ }: ومنها الإنجاء { إِلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ }: غدار { كَفُورٍ }: للمنعم { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ وَٱخْشَوْاْ يَوْماً لاَّ يَجْزِي }: لا يقضي { وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلاَ مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ }: قاض { عَن وَالِدِهِ شَيْئاً }: أفهم بتغيير أنه أولى بأن لا يجزي عنه { إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ }: بالجزاء { حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِٱللَّهِ }: برحمته الشيطان { ٱلْغَرُورُ }: بترجيه عفوه { إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُ }: فقط هذه الخمسة: { عِلْمُ }: تعيين { ٱلسَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ ٱلْغَيْثَ }: وقته { وَيَعْلَمُ مَا فِي ٱلأَرْحَامِ }: ذكورة وأنوثة وغيرهما { وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً }: خيراً أو شراً، جعل لنا الدراية التي فيها معنى الحيلة ولجنابه تعالى العلم تفرقة بين العملين، وأفاد أم ما هو بحيلتنا لا نعرف عاقبته، فكيف بغيره { وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ }: خص المكان ليعرف الزمان من باب أولى، لأن الأول في وسعنا بخلاف الثاني وَتَخْصيص الخمسة لسؤالهم عنها { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَيمٌ خَبِيرٌ }: بالظواهر والبواطن، سبحانه وتعالى - واللهُ أعْلَمُ بالصَّوَاب.