الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم
{وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَىٰ مُوسَىٰ وَهَارُونَ}: بالنبوة وغيرها {وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ ٱلْكَرْبِ ٱلْعَظِيمِ}: ظلم فرعون {وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُواْ هُمُ ٱلْغَٰلِبِينَ}: على القبط {وَآتَيْنَاهُمَا ٱلْكِتَابَ ٱلْمُسْتَبِينَ}: البليغ البيان {وَهَدَيْنَاهُمَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي ٱلآخِرِينَ * سَلاَمٌ عَلَىٰ مُوسَىٰ وَهَارُونَ * إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ * إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ إِلْيَاسَ}: ابن ياسين سبط هارون، وقيل: هو إدريس {لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ}: اذكر {إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلاَ تَتَّقُونَ}: عذاب الله {أَتَدْعُونَ بَعْلاً}: تعبدون صنم أهل بك من الشام {وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ ٱلْخَالِقِينَ * ٱللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَآئِكُمُ ٱلأَوَّلِينَ * فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ}: في النار {إِلاَّ}: استثناء من الواو {عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي ٱلآخِرِينَ * سَلاَمٌ عَلَىٰ إِلْ يَاسِينَ}: لغة في إلياس كميكائيل، وميكال، أو المراد هو وأهله، جمع تغليبا كمهلبين للمهلب، وعلى قراءة آل مفصولا فالأظهر أن المراد إلياس، وأهله {إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ * إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ لُوطاً لَّمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ}: اذكر {إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عَجُوزاً}: امرأته {فِي ٱلْغَابِرِينَ}: الباقين في العذاب {ثُمَّ دَمَّرْنَا ٱلآخَرِينَ}: كما مر {وَإِنَّكُمْ}: يا قريش {لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ}: على آثارهم في سفركم إلى الشام {مُّصْبِحِينَ}: في الصباح {وَبِٱلَّيلِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ}: فتعتبرون {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ}: هرب بلا إذن ربه حين استبطأَ العذاب الذي وعد قومه {إِلَى ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ}: المملوء فركدت، فقيل هنا: عبد آبق تظهره القرعة {فَسَاهَمَ}: قارع أهله {فَكَانَ}: فصار {مِنَ ٱلْمُدْحَضِينَ}: المغلوبين بالقرعة فقال: أنا الآبق ورمى بنفسه في الماء {فَٱلْتَقَمَهُ}: ابتلعه {ٱلْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ}: نفسه بما فعل قائلاً: "لا إله إلا انت سبحانك إني كنت من الظالمين" وَمَكث أربعين يوما وقيل: غير ذلك وكان الحوت يسير من الفلك رافعا رأسه يتنفس فيه يونس ويسبح حتى انتهوا إلى البر {فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُسَبِّحِينَ}: بذلك {لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ}: ميتا أو حيا {إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ}: فيه حث على إكثار الذكر {فَنَبَذْنَاهُ}: طرحناه من بطنه {بِٱلْعَرَآءِ}: الأرض الخالية عن النبات {وَهُوَ سَقِيمٌ}: كطفل ولد {وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ}: هو ما يبسط على وجه الأرض بلا ساق والمراد القرع، نبتَ بساق مُعجزةً له، وغطاه بأوراقه فمنع الذباب؛ فإنه لا يقع عليها، وكانت وعلة تأتيه كل يوم مرتين لشرب لبنها حتى قوي {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ مِئَةِ أَلْفٍ}: قومه الذي هرب عنهم {أَوْ يَزِيدُونَ}: في تقديرهم، والمواد: الوصف بالكثرة كما مر {فَآمَنُواْ}: عند معاينة العذاب كما مر في يونس {فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ}: أجلهم {فَٱسْتَفْتِهِمْ}: استخبر قريشا، عطف على مثله أول السورة {أَلِرَبِّكَ ٱلْبَنَاتُ}: إذ قالوا: الملائكة بنات الله حتى سألهم الصديق رضي الله تعالى عنه فمن أمهم {وَلَهُمُ ٱلْبَنُونَ}: كما مر في النحل {أَمْ خَلَقْنَا ٱلْمَلاَئِكَةَ إِنَاثاً وَهُمْ شَاهِدُونَ}: أنوثتهم، خصها بالمشاهدة لتشبههم بها، كأنهم شاهدوها {أَلاَ إِنَّهُم مِّنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ * وَلَدَ ٱللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}: فيه {أَصْطَفَى}: اختار {ٱلْبَنَاتِ عَلَىٰ ٱلْبَنِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}: بهذا {أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ * أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُّبِينٌ * فَأْتُواْ بِكِتَابِكُمْ}: المنزل عليكم بهذا {إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ}: تعالى {وَبَيْنَ ٱلْجِنَّةِ}: الملائكة المجتنة من الخلق { نَسَباً}: بالنبوة، وقيل: قالوا: صاهر الجن فخرج الملكُ {وَلَقَدْ عَلِمَتِ ٱلجِنَّةُ إِنَّهُمْ}: أي: القائلون {لَمُحْضَرُونَ}: في العذاب {سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ * إِلاَّ}: لكن {عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ}: ناجون منه {فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ}: من الأصنام {مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ}: مفسدين أحدا بالإغواء {إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ}: داخل {ٱلْجَحِيمِ}: ويقول الملك خضوعا لله عز وجل {وَمَا مِنَّآ}: أحد {إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ}: في السماء يبعد الله فيه، قاله جبريل لمحمد صلى الله عليه وسلم {وَإِنَّا لَنَحْنُ ٱلصَّآفُّونَ}: في مقام العبودية {وَإِنَّا لَنَحْنُ ٱلْمُسَبِّحُونَ}: الله تعالى عما لا يليق به {وَإِن}: إنه {كَانُواْ}: قريش {لَيَقُولُونَ * لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً}: كتابا {مِّنَ}: كتب {ٱلأَوَّلِينَ * لَكُنَّا عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ * فَكَفَرُواْ بِهِ}: بالِّكر القرآن لما جاءهم {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}: عاقبتهم {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا}: بالنصر {لِعِبَادِنَا ٱلْمُرْسَلِينَ}: هي {إِنَّهُمْ لَهُمُ ٱلْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَالِبُونَ}: عاقبة ولو في الآخرة ولم يقتل قط نبي أُمِر بالجهاد {فَتَوَلَّ}: أعرض {عَنْهُمْ حَتَّىٰ حِينٍ}: ينصرك عليهم {وَأَبْصِرْهُمْ}: حينئذ كيف يذلون {فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ}: عزك، فقالوا استهزاءً: متى هذا الوعد فنزل {أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ * فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ}: أي: فنائهم هي كناية عم القوم {فَسَآءَ صَبَاحُ ٱلْمُنْذَرِينَ}: استعير من الصباح الجيش المبيت لوقت نزول العذاب وسموا الغارة صباحا لكثرة وقوعها فيه {وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّىٰ حِينٍ * وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ}: كرره تأكيدا وتهديدا وطرح الضمير اختصارا واكتفاء بما سبق {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ ٱلْعِزَّةِ}: الإضافة لأن له العزة ولمن أعزه {عَمَّا يَصِفُونَ}: المشركون {وَسَلاَمٌ عَلَىٰ ٱلْمُرْسَلِينَ}: الذين سبقت الكلمة لهم {وَٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ}: على ما أنعم عليهم وعلى أممهم. عن علي رضي الله عنه: "من أحب أن يكتال بالمكيال الأ وفي من الأجر يوم القيامة فليكن آخر كلامه إذا قام من مجلسه: { سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ ٱلْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ } }: [الصافات: 180] إلى آخره السورة". واللهُ أعْلَمُ.