الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم
{قُلْ يٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ}: بالمعاصي، أفهم بالإضافة تخصيص المؤمنين، كما هو عرف القرآن {لاَ تَقْنَطُواْ}: لا تيأسوا {مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ}: مغفرته أولا وتفضيله ثانيا {إِنَّ ٱللَّهَ يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعاً}: ولو بلا توبة إلا الشرك للنص {إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ * وَأَنِـيبُوۤاْ}: ارجعوا {إِلَىٰ رَبِّكُمْ}: بالتوبة {وَأَسْلِمُواْ}: أطيعوا {لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ ٱلْعَذَابُ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ}: بدفعة إن لم تتوبوا {وَٱتَّبِعُـوۤاْ أَحْسَنَ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُـمْ}: القرآن أو عزائمه {مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُـمُ ٱلْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ}: بمجيئة، اتبعوا قبل {أَن تَقُولَ نَفْسٌ}: كافرة {يٰحَسْرَتَا}: ندامتي كما مر {عَلَىٰ مَا فَرَّطَتُ}: قصرت {فِي جَنبِ ٱللَّهِ}: جانبه أي: حقه {وَإِن}: إني {كُنتُ لَمِنَ ٱلسَّاخِرِينَ}: بدينه {أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ ٱللَّهَ هَدَانِي}: فاهتديت {لَكُـنتُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى ٱلْعَذَابَ لَوْ}: أي: ليت {أَنَّ لِي كَـرَّةً}: رجعة إلى الدنيا {فَأَكُونَ مِنَ ٱلْمُحْسِنِينَ}: فيجاب {بَلَىٰ قَدْ جَآءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَٱسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ * وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ تَرَى ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى ٱللَّهِ}: بالشرك وغيره {وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى}: مقام {لِّلْمُتَكَبِّرِينَ}: عن عبادته {وَيُنَجِّي ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ}: ملتبسين {بِمَفَازَتِهِمْ}: فلاحهم {لاَ يَمَسُّهُمُ ٱلسُّوۤءُ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}: عند الفزع الأكبر {ٱللَّهُ خَالِقُ كُـلِّ شَيْءٍ}: خيرا وشرا إيمانا وكفرا {وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ}: يتولى التصرف فيه {لَّهُ مَقَالِيدُ}: جمع مقليد أو مقلاد، من قلدته لزمته إقليد معرب إكليد، أي: مفاتيح {ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ}: لا يتصرف فيهما غيره إلا بإرادته {وَٱلَّذِينَ}: متصل بقوله: { وَيُنَجِّي ٱللَّهُ ٱلَّذِين } [الزمر: 61] إلى آخره { كَفَرُواْ بِـآيَاتِ ٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ * قُلْ أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ تَأْمُرُونِّيۤ أَعْبُدُ أَيُّهَا ٱلْجَاهِلُونَ}: بعد هذه الدلائل {وَلَقَدْ أُوْحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكَ}: أي: إلى كل واحد منكم {لَئِنْ أَشْرَكْتَ}: فرضا كما مر {لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ}: أي: وإن رجعت إلى التوحيد، وهذا مختص بالأنبياء {بَلِ ٱللَّهَ فَٱعْبُدْ وَكُن مِّنَ ٱلشَّاكِرِينَ}: لنعمه {وَمَا قَدَرُواْ}: أي: عظموه {ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}: تعظيمه، فوصفوه بما لا يليق به {وَٱلأَرْضُ}: حال كونها {جَمِيعـاً قَبْضَـتُهُ}: اسم المقدار المقبوض بالكف {يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ}: بيان لحقارة الأفعال العظام لدى قدرته { وَٱلسَّمَٰوَٰتُ مَطْوِيَّاتٌ}: كالسجل المطوي {بِيَمِينِهِ}: نؤمن بالقبضة واليمين ونكل كيفيتهما إلى علمه {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ}: معه {وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ}: النفخة الأولى وكذا الثانية عند من قال: هي ثلاثة كما مر {فَصَعِقَ}: مات أو غشي عليه {مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ مَن شَآءَ ٱللَّهُ}: كما مر {ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ}: نفخة {أُخْرَىٰ}: بعد أربعين سنة {فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ}: إلى الجوانب نظر المبهوت {وَأَشْرَقَتِ}: أضاءت {ٱلأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا}: بلا توسط أجسام مضيئة أو بإقامة العدل {وَوُضِعَ ٱلْكِتَابُ}: كتاب الأعمال للجزاء أو صحائفنا في أيدينا {وَجِـيءَ بِٱلنَّبِيِّيْنَ وَٱلشُّهَدَآءِ}: للأمم وعليهم، أو هم هذه الأمة كما مر {وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِٱلْحَقِّ}: بالعدل {وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ}: شيئا {وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ}: جزاء {مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ}: تعالى {أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ * وَسِيقَ ٱلَّذِينَ كَـفَرُوۤاْ}: سوق الأسارى إلى القتل {إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَراً}: أفواجا متتابعة {حَتَّىٰ إِذَا جَآءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا}: فلا تفتح إلا بعد مجيئهم لما سيأتي {وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَآ}: توبيخا {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَـآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا قَالُواْ بَلَىٰ وَلَـٰكِنْ حَقَّتْ}: وجبت {كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ}: هي { لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ } }: [الأعراف: 18] إلى آخره {قِيلَ ٱدْخُلُوۤاْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى}: مأوى {ٱلْمُتَكَـبِّرِينَ}: هي، وهذا لا ينافي دخولهم لسبق الكلمة، فإنه سبب تكبرهم كما بينته الأخبار {وَسِيقَ}: مراكب {ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ إِلَى ٱلّجَنَّةِ زُمَراً}: أفواجا متتابعة {حَتَّىٰ إِذَا جَآءُوهَا}: {وَ} الحال أنه {فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا}: الثمانية تكرمه وانتظارا ولأن في الوقوف على الباب المغلق نوع ذل؛ لأن الكريم يعجل المثوبة ويؤخر العقوبة {وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلاَمٌ عَلَيْكُـمْ طِبْتُمْ}: مقاما أو من دنس المعاصي {فَٱدْخُلُوهَا خَالِدِينَ}: جواب إذا، فازوا بما فازوا {وَقَـالُواْ ٱلْحَـمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا ٱلأَرْضَ}: أرض الجنة من أهل النار كما مر {نَتَبَوَّأُ مِنَ ٱلْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَآءُ}: من ملكنا مستغنين عن ملك غيرنا {فَنِعْمَ أَجْرُ ٱلْعَامِلِينَ}: الجنة {وَتَرَى ٱلْمَلاَئِكَةَ حَآفِّينَ}: مُطِيْفين {مِنْ حَوْلِ ٱلْعَرْشِ}: متعلق ترى {يُسَبِّحُونَ}: الله ملتبسين {بِحَمْدِ رَبِّهِمْ}: أفاد أن منتهى درجات العليين ولذَّاتهم الاستغراق في صفاته تعالى { وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ}: بين الخلائق {بِٱلْحَقِّ}: بالعدل {وَقِيلَ}: تقول الملائكة أو المؤمنون {ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ}: على عدله.