التفاسير

< >
عرض

وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ ٱلْمُحْصَنَٰتِ ٱلْمُؤْمِنَٰتِ فَمِنْ مَّا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُم مِّن فَتَيَٰتِكُمُ ٱلْمُؤْمِنَٰتِ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَٰنِكُمْ بَعْضُكُمْ مِّن بَعْضٍ فَٱنكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ مُحْصَنَٰتٍ غَيْرَ مُسَٰفِحَٰتٍ وَلاَ مُتَّخِذَٰتِ أَخْدَانٍ فَإِذَآ أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَٰحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى ٱلْمُحْصَنَٰتِ مِنَ ٱلْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ ٱلْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٢٥
يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
٢٦
وَٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً
٢٧
يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ ٱلإِنسَانُ ضَعِيفاً
٢٨
يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُوۤاْ أَمْوَٰلَكُمْ بَيْنَكُمْ بِٱلْبَٰطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَٰرَةً عَن تَرَاضٍ مِّنْكُمْ وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَنْفُسَكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً
٢٩
وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً
٣٠
إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَـٰتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُّدْخَلاً كَرِيماً
٣١
-النساء

الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم

{ وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً }: غنى { أَن يَنكِحَ ٱلْمُحْصَنَٰتِ }: الحرائر، { ٱلْمُؤْمِنَٰتِ }: ذكرها لبيان الأولى عند الأكثر، وحمل أبو حنيفة -رضي الله عنه، الطول على ملك فراشهن، { فَمِنْ }: فلينكح مما، { مَّا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُم مِّن فَتَيَٰتِكُمُ }: إمائكم، { ٱلْمُؤْمِنَٰتِ }: اللاتي لغيرهم، { وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَٰنِكُمْ }: فاكتفوا بظاهر إيمانهن، { بَعْضُكُمْ مِّن بَعْضٍ }: أنتم وأرقاؤكم نسباً وديناً فلا تستنكفوا عنها، { فَٱنكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ }: مالكيهن، هذا لا يدل على أن لهن مباشرته، لأن عدم الاعتبار لا يوجب الإشعار، على أن المباشر قد يكون غير الآذن، { وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ }: مُهورهنَّ، بإذن أهلهن أو المضاف محذوفٌ، أي: آتوا مالكهن، وعند مالك: المهر لهنَّ، { بِٱلْمَعْرُوفِ }: بلا مَطْل ونحوه، { مُحْصَنَٰتٍ }: عفائف، { غَيْرَ مُسَٰفِحَٰتٍ }: مجاهرات بالزنا { وَلاَ مُتَّخِذَٰتِ أَخْدَانٍ }: أحباب يزنون بِهنِ سرّاً، جمع خدن، أي: صديق { فَإِذَآ أُحْصِنَّ }: تزوجن { فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَٰحِشَةٍ } بزنا، { فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى ٱلْمُحْصَنَٰتِ }: الحرائر الأبكار، { مِنَ ٱلْعَذَابِ }: الحد، وهو خمسون جلدة وتغريب نصف سنة، ولا رجم؛ لأنَّه لا يُصَّفُ، { ذَلِكَ }: نكاح الأمة، { لِمَنْ خَشِيَ ٱلْعَنَتَ }:: المشقَّة، الوقوع في الزنا، وعن الحسن أنها الفسق، وأصلها: انكسار العظم بعد الجبر، { مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ }: عنه مع العفاف، { خَيْرٌ لَّكُمْ }: في الحديث: "الحرائر صلاح البيت والإماء هلاكه" ، وأيضاً: "من أراد أن يلقى الله طاهراً مطهراً فاليتزوج بالحرائر" ، { وَٱللَّهُ غَفُورٌ }: لمن يصبر، { رَّحِيمٌ } به { يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُبَيِّنَ }: اللام صلة للتأكيد، { لَكُمْ }: ما خفي من الشرائع، { وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ }: من الأنبياء، { وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ }: يقبل توبتكم، { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ }: بمصالحكم { حَكِيمٌ } فيما قدّر { وَٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ } تأكيد { وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوَاتِ }:: الفُجَّار، { أَن تَمِيلُواْ }: عن الحقِّ، { مَيْلاً عَظِيماً }: إلى الشهوات وفاقاً لهم، { يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنْكُمْ }: في شرائعه، { وَخُلِقَ ٱلإِنسَانُ ضَعِيفاً }: في الصبر عن الشهوات وعلى مَشَاقِ الطاعات فيناسبه التخفيف، { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُوۤاْ أَمْوَٰلَكُمْ بَيْنَكُمْ بِٱلْبَٰطِلِ }: بالحرام كالسرقة، وكالصرف في الزنا، { إِلاَّ }: لكن { أَن تَكُونَ }: كونها، { تِجَٰرَةً }: صادرة، { عَن تَرَاضٍ مِّنْكُمْ }: غير منهي عنه، وإنما خصَّها؛ لأن معظم التصرفات بها، { وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَنْفُسَكُمْ }: بارتكاب المُحرَّمات، { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً }: نهاكم عن المضار رحمة، { وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ }: من المحرمات { عُدْوَاناً }: على الغير، { وَظُلْماً }: على نفسه لا جهلاً ونسيانا، وسفهاً، وعلى هذا لا يرد أنه كيف قدَّم الأخصَّ على الأعمّ، إذ التجاوز عن العدل جَوْر ثم طغيانٌ، ثم تعد، والكل ظلم، { فَسَوْفَ نُصْلِيهِ }: ندخله، { نَاراً }: عظيمة، { وَكَانَ ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً * إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ }: الأقرب أنها ما ورد فيه حَدٌ أو وَعيدٌ شديد، كاللّعْنِ، { نُكَفِّرْ }: نمح، { عَنْكُمْ سَيِّئَـٰتِكُمْ }: صغائركم، { وَنُدْخِلْكُمْ مُّدْخَلاً كَرِيماً }: الجنة، وأما محو الكبائر فهي المشيئة.