الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم
قيل إلَّا آية: { { وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا } }. [الزخرف: 45]
لمَّا ذكر أنه أنزل إليه كتابا وهو روح يحيى القلوب، بين علو شأنه بقوله: { بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ * حـمۤ * وَٱلْكِتَابِ }: القرآن { ٱلْمُبِينِ }: طرق الهدى { إِنَّا جَعَلْنَاهُ }: الكتاب، قيل: الجعل بمعنى القول { قُرْآناً عَرَبِيّاً }: بلغتكم { لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }: تفهمونه وتناسب القسم والمقسم عليه من البدائع { وَإِنَّهُ فِيۤ أُمِّ ٱلْكِتَابِ }: في اللوح المحفوظ { لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ }: شأنا، وهذا متعلق في أم { حَكِيمٌ }: ذو حكم إذا لا ينسخ (أ) نذرنكم { أَفَنَضْرِبُ }: نمسك ونبعد { عَنكُمُ ٱلذِّكْرَ }: التذكير أو إنزال القرآن { صَفْحاً أَن }: أي: لأن { كُنتُمْ قَوْماً مُّسْرِفِينَ }: وبكسر إن شرطية مخرج للمحقق المشكوك، استجهالا لهم كقول الأجير: إن عملت لك فوفني حقي، وما قبلها ذليل الجزاء { وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِن نَّبِيٍّ فِي }: الأمم { ٱلأَوَّلِينَ * وَمَا يَأْتِيهِم مِّنْ نَّبِيٍّ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ * فَأَهْلَكْنَآ أَشَدَّ مِنْهُم }: من المسرفين { بَطْشاً }:قوة { وَمَضَىٰ }: في القرآن { مَثَلُ ٱلأَوَّلِينَ }: قصتهم العجيبة { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ ٱلْعَزِيزُ ٱلْعَلِيمُ }: أقامها مقام قولهم: الله، للزومهما إزاما لهم، ثم قال تعالى { ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ مَهْداً }: فراشا كالمهد { وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً }: طرقا { لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }: إلى مقاصدكم في سفركم { وَٱلَّذِي نَزَّلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً بِقَدَرٍ }: تقتضيه حكمته { فَأَنشَرْنَا }: أحيينا { بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً كَذَلِكَ }: الإنشار { تُخْرَجُونَ }: من قبوركم للبعث { وَٱلَّذِي خَلَقَ ٱلأَزْوَاجَ }: الأصناف { كُلَّهَا }: وكل ما سوى الله زوج كفوق وتحت، وغيمٌ وصَحْو، وغيرهما { وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلْفُلْكِ وَٱلأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ }: فيه وعليه { لِتَسْتَوُواْ عَلَىٰ ظُهُورِهِ }: جمع بمعنى ما { ثُمَّ تَذْكُرُواْ }: بقلوبكم { نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا ٱسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُواْ }: "كان صلى الله عليه وسلم إذا وضع رجله في الركاب قال: "بسم الله، فإذا استوى على الدابة قال: الحمدلله على كل حال" { سُبْحَانَ ٱلَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَـٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ }: مطيقين { وَإِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ }: هذا آخر قوله - صلى الله عليه وسلم -، والمراد به كركوب النفس على البدن، وسير العمر والرحلة إلى الله تعالى { وَ }: بعد اعترافهم بما مر { جَعَلُواْ لَهُ مِنْ عِبَادِهِ }: الملائكة { جُزْءًا }: ولدا، فإنه بضعة من الوالد { إِنَّ ٱلإنسَانَ }: جنسه { لَكَفُورٌ مُّبِينٌ }: كفرانه { أَمِ ٱتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُم }: أخلصكم { بِٱلْبَنِينَ * وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ }: جعل { لِلرَّحْمَـٰنِ مَثَلاً }: شبها، فإن الولد يشبه الوالد { ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ }: مملوء من الغيظ كما مر، { أَ }: جعلوا له ذلك { وَ }: اتخذ { مَن يُنَشَّأُ }: يتربى { فِي ٱلْحِلْيَةِ }: الزينة يعني البنات { وَهُوَ فِي ٱلْخِصَامِ }: المجادلة { غَيْرُ مُبِينٍ }: لحجته لضعف رأيه { وَجَعَلُواْ }: في اعتقادهم { ٱلْمَلاَئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمْ عِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ }: إضافة تشريف { إِنَاثاً }: مع أنهن أحسن الأصناف { أَشَهِدُواْ }: حضروا { خَلْقَهُمْ }: فشاهوهم إناثا وبالاستفهام أي: أأحظروا { سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ }: على الله تعالى والملائكة { وَيُسْأَلُونَ }: عنها فيعذبون { وَقَالُواْ لَوْ شَآءَ ٱلرَّحْمَـٰنُ }: أن لا نبعد الملائكة { مَا عَبَدْنَاهُمْ }: لهم شبهة القدرية في أن كل مأمور به مراد، وكل منهي عنه غير مراد { مَّا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ }: لأن المشيئة ترجيح ممكن كان أو منهيا { إِنْ }: ما { هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ }: يتحملون تمحلا باطلا { أَمْ }: بل { آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً مِّن قَبْلِهِ }: قبل القرآن فيه صحة قولهم { فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ * بَلْ قَالُوۤاْ إِنَّا وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ }: دين { وَإِنَّا عَلَىٰ ءَاثَارِهِم مُّهْتَدُونَ }: فلا حجة لهم { وَكَذَلِكَ مَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَآ }: متنعموها { إِنَّا وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ }: ملة { وَإِنَّا عَلَىٰ ءَاثَارِهِم مُّقْتَدُونَ }: أفاد بالإتراف أن تنعمهم صرفهم عن النظر إلى التقليد