الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم
إلَّا آية: { إِنَّا كَاشِفُواْ ٱلْعَذَابِ } }: [الدخان: 15] لمَّا أمره بالصفح عن المشركين وهددهم، أتبعه بإنذارهم بيوم يغشاهم العذاب الأليم فقال {بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ * حـمۤ * وَٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ * إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ}: الكتاب من اللوح إلى بيت العزة من السماء الدنيا {فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ}: ليلة القدر عن الأكثر، وقيل: نصف شعبان وتسمى أيضا: ليلة البراءة والرحمة والصَّكّ، وبركتها لنزول القرآن والملائكة والرحمة فيها وإجابة الدعوة أو قسم النعم، قال ابن عباس: يكتب من أم الكتاب ليلة القدر ما هو كائن في السنة من الخير والشر والأرزاق والآجال، وعن عكرمة: يبرم في ليلة النصف من شعبان أمر السنة {إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ}: بإنزاله {فِيهَا}: في تلك الليلة {يُفْرَقُ}: يفصل {كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ}: محكم كم من أمور الخلق إلى مثل تلك الليلة، أعني به {أَمْراً}: حاصِلاً {مِّنْ عِنْدِنَآ إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ}: الرسل {رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ}: لأقوالكم {ٱلْعَلِيمُ}: بأحوالكم {رَبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ}: مريدين الإيقان فاعلموه {لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَآئِكُمُ ٱلأَوَّلِينَ * بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ}: استهزاء بك، ولما دعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم بسبع كسبع يوسف نزلت: {فَٱرْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ}: أسند إليها لأنه يكفها عن المطر فقحطوا حتى رأوا لشدة جوعهم كدخان بين السماء والأرض {يَغْشَى ٱلنَّاسَ}: فقالوا {هَـٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * رَّبَّنَا ٱكْشِفْ عَنَّا ٱلْعَذَابَ إِنَّا}: فإنا {مْؤْمِنُونَ}: مصدقون نبيك أو هو دخان عد من أشراط الساعة، قال تعالى: {أَنَّىٰ}: من أين {لَهُمُ ٱلذِّكْرَىٰ}: التذكر {وَقَدْ جَآءَهُمْ رَسُولٌ مُّبِينٌ}: طرق الهدى {ثُمَّ تَوَلَّوْاْ عَنْهُ وَقَالُواْ}: هو {مُعَلَّمٌ}: يعلمه عبد يهودي {مَّجْنُونٌ}: كل واحد قول بعض {إِنَّا كَاشِفُواْ ٱلْعَذَابِ قَلِيلاً}: هو مدة حياتهم {إِنَّكُمْ عَآئِدُونَ}: على قول الثاني، هو أن يكشف عنهم بدعائهم ثم يرتدوا بعد أربعين يوما {يَوْمَ}: ظرف لمدلول منتقمون {نَبْطِشُ ٱلْبَطْشَةَ}: السطوة {ٱلْكُبْرَىٰ}: البدر او القيامة {إِنَّا مُنتَقِمُونَ}: منهم {وَلَقَدْ فَتَنَّا}: بلونا {قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ}: معه {وَجَآءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ}: حسبا و نسبا، هو موسى {أَنْ}: بان {أَدُّوۤاْ إِلَيَّ عِبَادَ ٱللَّهِ}: بني إسرائيل ولا تعذبوهم {إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ}: على الوحي {وَأَن لاَّ تَعْلُواْ}: تتكبروا {عَلَى ٱللَّهِ}: بمعصيته {إِنِّيۤ آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ}: حجة {مُّبِينٍ}: على صدقي، فأودعوه بالرجم فقال: {وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَن تَرْجُمُونِ}: تقتلون بالرجم {وَإِن لَّمْ تُؤْمِنُواْ لِي فَٱعْتَزِلُونِ}: فاتركوني من حيث الأذى، فما تركوه {فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ}: بأن {هَـٰؤُلاَءِ قَوْمٌ مُّجْرِمُونَ}: تعريض بالدعاء عليهم فقال تعالى إن كانو كذلك {فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلاً}: اي: قبل قرب الصبح ، فلا تكرار {إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ}: يتبعكم فرعون و قومه { وَٱتْرُكِ ٱلْبَحْرَ}: إذا قطعته مع قومك {رَهْواً}: مفتوحا ذا فجوة، أو ساكنا منفرجا ليأخذه مع قومه {إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ}: فدخلوا بعدهم و غَرقوا {كَمْ تَرَكُواْ مِن جَنَّاتٍ}: بساتين { وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ}: مجلس {كَرِيمٍ}: حسن النضر {وَنَعْمَةٍ}: تنعم {كَانُواْ فِيهَا فَاكِهِينَ}: متنعمين، الأمر {كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ}: بني إسرائيل {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ ٱلسَّمَآءُ}: مصعد عملهم و مهبط رزقهم {وَٱلأَرْضُ}: مصلاهم و محل عبادتهم بخلاف المؤمنين أو أهلها {وَمَا كَانُواْ مُنظَرِينَ}: ممهلين للتوبة.