التفاسير

< >
عرض

وَذَرُواْ ظَٰهِرَ ٱلإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْسِبُونَ ٱلإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُواْ يَقْتَرِفُونَ
١٢٠
وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ ٱلشَّيَٰطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىۤ أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَٰدِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ
١٢١
أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَٰهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي ٱلنَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي ٱلظُّلُمَٰتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَٰفِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
١٢٢
وَكَذٰلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَٰبِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ
١٢٣
وَإِذَا جَآءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ حَتَّىٰ نُؤْتَىٰ مِثْلَ مَآ أُوتِيَ رُسُلُ ٱللَّهِ ٱللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُواْ صَغَارٌ عِندَ ٱللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُواْ يَمْكُرُونَ
١٢٤
فَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلَٰمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي ٱلسَّمَآءِ كَذٰلِكَ يَجْعَلُ ٱللَّهُ ٱلرِّجْسَ عَلَى ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ
١٢٥
وَهَـٰذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً قَدْ فَصَّلْنَا ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ
١٢٦
-الأنعام

الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم

{ وَذَرُواْ ظَٰهِرَ ٱلإِثْمِ }: ما يُعْلن منه { وَبَاطِنَهُ }: خفيَّه، أو ما بالجوارح والقلب، { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْسِبُونَ ٱلإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُواْ يَقْتَرِفُونَ }: يكتسبون، { وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ }: وهو ما أُهِلَّ بهِ لغير الله بقرينة: { وَإِنَّهُ }: ما لم يذكر.. إلخ، { لَفِسْقٌ }: أي: ما أهل لغير الله به، والجملة الحالية، وإن اللام لإنكارها فسقيته وصرحوا بجوازه في نحو: لقيته وإنك لراكب فلا ينافيان الحالية، فما لم يذكر عليه ولو عمدا حلال عند الشافعي ومالك وابن عباس، وأيضاً في الحديث: "كُلُوا، فإنَّ تَسْمية الله في قلب كُلِّ مؤمن" ، سئل عن متروك التسمية، وفي الحديث أيضاً: "ذبيحة المسلم حَلالٌ، وإن لم يذكر اسم الله عليه" ولرجوع: { { وَقَدْ فَصَّلَ } [الأنعام: 119]: إلى آية: { { إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ } [البقرة: 173]، { وَإِنَّ ٱلشَّيَٰطِينَ لَيُوحُونَ }: يوسوسون، { إِلَىۤ أَوْلِيَآئِهِمْ }: الكفار، { لِيُجَٰدِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ }: في استحلال الحرام والله، { إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ * أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً }: بجهله وضلالته { فَأَحْيَيْنَٰهُ }: بالهداية، { وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً }: القرآن { يَمْشِي بِهِ فِي ٱلنَّاسِ }: يهتدي كيف يسلك مع مجرميها كعمر وحمزة وعمار، { كَمَن مَّثَلُهُ }: صفته أنه، { فِي ٱلظُّلُمَٰتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا }: كأبي جهل { كَذَلِكَ }: كما زُيِّن الإيمان للمؤمنين، { زُيِّنَ لِلْكَٰفِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ * وَكَذٰلِكَ }: كما { جَعَلْنَا }: في مكة { أَكَٰبِرَ مُجْرِمِيهَا } كأبي جهل، { جَعَلْنَا }: صَيَّرنا، { فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَٰبِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا }: بإضلال الناس، { وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنْفُسِهِمْ }: وباله عليهم، { وَمَا يَشْعُرُونَ }: ذلك، { وَإِذَا جَآءَتْهُمْ آيَةٌ }: مصدقة لمحمد عليه الصلاة والسلام، { قَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ حَتَّىٰ نُؤْتَىٰ مِثْلَ مَآ أُوتِيَ رُسُلُ ٱللَّهِ }: بأن يأتينا وحي كما يأتيه، { ٱللَّهُ أَعْلَمُ }: أي: عالم { حَيْثُ }: مكانا، { يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ }: فيه، أعلم أن أفعل لكل إلا لام وإضافة ومن يجوز كونه بمعنى اسم الفاعل أو الصفة المشبة نحو: { { وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ } [الروم: 27] بمعنى: هين، فمعناه: الله عالم مكانا فلا يحتاج إلى تكلفات بعض في جعل الظرف الغير متصرف هنا مفعولا به لأفعل التفضيل والله تعالى أعلم، { سَيُصِيبُ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُواْ صَغَارٌ }: ذل، { عِندَ ٱللَّهِ }: يوم القيامة، { وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُواْ يَمْكُرُونَ * فَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ }: يوسع { صَدْرَهُ }: وقلبه، { لِلإِسْلَٰمِ }: يجعله قابلا للتوحيد، { وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً }: زائد الضيق بحيث لا يدخله الحقُّ { كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي ٱلسَّمَآءِ }: فإنه ممتنع، { كَذٰلِكَ يَجْعَلُ ٱللَّهُ ٱلرِّجْسَ }: العذاب، { عَلَى ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ * وَهَـٰذَا }: الإسلام { صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً }: حال مؤكدة عن معنى الإشارة بلا عوج { قَدْ فَصَّلْنَا ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ }: بالتدبير.