الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم
{وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَلِقَآءِ}: الدار، {ٱلآخِرَةِ حَبِطَتْ}: بطلت، {أَعْمَالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ} جَزاءَ {مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ * وَٱتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَىٰ}: أي: السامري بإعانتهم، {مِن بَعْدِهِ}: بعد ذهابه إلى الجبل {مِنْ حُلِيِّهِمْ}: المستعار من القبط وكان معهم بعد هلاكهم، {عِجْلاً جَسَداً}: بدناً ذا لَحْم ودم، أو من الذهب، {لَّهُ خُوَارٌ}: صوت البقر أو شبيه صوته لدخول الريح في دبره وخروجها من فمه كذا عن ابن عباس، فحيئذ رمى تراب إثر فرس جبريل للحياة، {أَلَمْ يَرَوْاْ}: حين اتخذوه إلهاً {أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً ٱتَّخَذُوهُ وَكَانُواْ ظَالِمِينَ * وَلَمَّا سُقِطَ} أي: وقع المضُّ {فِيۤ أَيْدِيهِمْ}: كناية عن ندامة توجب عضها، أي ندموا، {وَرَأَوْاْ}: عَلموا علم الرأي، {أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّواْ قَالُواْ لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا}: بقبول توبتنا، {وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ * وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَٰنَ}: عليهم {أَسِفاً}: حزيناً لمَّا أعلمه الله تعالى كما في طه، {قَالَ}: لهم، {بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي}: فعلتهم أو أقمتم مقامي من عبادته {مِن بَعْدِيۤ أَعَجِلْتُمْ}: سبقتم، {أَمْرَ}: وَعْدَ {رَبِّكُمْ}: وهو الأربعين أو وعد بسخطه، اعلم أن العجلة طلب الشَّيْ قبل أوانه، وهي مذمومةٌ، وحيث تحمدُ في الخير، فالمراد بها: السرعة، وهي عمل الشيء في أول أوقاته، {وَأَلْقَى}: طرح، {ٱلأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ}: شعر، {أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ}: لظنه تقصيره في نهيهم {قَالَ} هارون استعطافاً: {ٱبْنَ أُمَّ}: كانا شقيقين، وهارون أكبر بثلاث سنين، {إِنَّ ٱلْقَوْمَ ٱسْتَضْعَفُونِي}: وجدوني ضعيفاً، {وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي}: حين نهيتهم، {فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ ٱلأَعْدَآءَ}: بأذيتي، {وَلاَ تَجْعَلْنِي}: معدوداً {مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّٰلِمِينَ}: في العقوبة، فلمَّا علم براءتهُ، {قَالَ رَبِّ ٱغْفِرْ لِي} ما صنَعْتُ بالألواح {وَلأَخِي}: إن قَصَّر {وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ}: ثم قال تعالى: {إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ ٱلْعِجْلَ}: إلهاً {سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ}: بأمرهم بقتل أنفسهم {وَذِلَّةٌ فِي ٱلْحَياةِ ٱلدُّنْيَا}: كاستمرار انقطاعهم من ديارهم، وحرمةُ أولادهم {وَكَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُفْتَرِينَ}: أي: فرية فوق قولهم: { هَـٰذَآ إِلَـٰهُكُمْ وَإِلَـٰهُ مُوسَىٰ فَنَسِيَ } [طه: 88]، {وَٱلَّذِينَ عَمِلُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ}: بالشرك والمعاصي، {ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِهَا وَآمَنُوۤاْ}: أخلصوا إيمانهم {إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا}: بعد التوبة والإخلاص، {لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ * وَلَمَّا سَكَتَ}: سكن وانقطع {عَن مُّوسَى ٱلْغَضَبُ أَخَذَ ٱلأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا}: منسوخا ومكتوبا، {هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ} يخافون {وَٱخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُ}: من قومه، {سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا}: ليعتذروا عن عبادة العجل أو طلب الرؤية، إذ قالوا: خُذْ منَّا من يشهد بأن الله يكلمك، فلما سمعوه يكلمه قالوا: أرنا الله جهرة فأخذتهم الصَّاعقةُ {فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ}: الصاعقة فماتوا، {قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِّن قَبْلُ}: ما تصدق، أو قبل أن نرى ما نرى، {وَإِيَّايَ}: فلو للتمني، {أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَّآ}: من عبادة العجل، أو طلب الرؤية {إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ}: ابتلاؤك حيث خلقت خُوار العجل، وأسمعتهم كلامك فطمعوا في الرؤية {تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَآءُ وَتَهْدِي} بها {مَن تَشَآءُ أَنتَ وَلِيُّنَا}: القائم بأمرنا، {فَٱغْفِرْ لَنَا وَٱرْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْغَافِرِينَ}: تبدل السيئة بالحسنة، {وَٱكْتُبْ} أثبت {لَنَا فِي هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا حَسَنَةً}: عافية، {وَفِي ٱلآخِرَةِ}: حسنة بقربك، {إِنَّا هُدْنَـآ}: رجعنا {إِلَيْكَ}: رجعنا إليك، {قَالَ}: الله مجيباً لقوله: {إِنْ هِيَ}- إلخ، {عَذَابِيۤ أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَآءُ}: تعذيبهُ {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ}: في الدنيا حتى الجماد {فَسَأَكْتُبُهَا}: أثبت رحمتي في الآخرة، {لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ}: المعاصي، {ٱلزَّكَـاةَ}: خصَّها؛ لأنها كانت أشق عليهم، {وَٱلَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا}: كلها، {يُؤْمِنُونَ} هم {ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ}: بالإضافة إلى الله، {ٱلنَّبِيَّ}: بالإضافة إلينا، {ٱلأُمِّيَّ}: لا يقرأ ولا يكتب بخلاف كل الرُّسُل، {ٱلَّذِي يَجِدُونَهُ}: باسمه وصفته، {مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّيِّبَاتِ}: المستلذات المحرمة عليكم، {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ ٱلْخَبَآئِثَ}: ما تستخبثه الطباع السليمة، {وَيَضَعُ}: يخفف، {عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ}: ثقلهم {وَٱلأَغْلاَلَ ٱلَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ}: التكاليف الشاقة التي كانت كالغل على أعناقهم كتعيين القصاص في العمد والخطأ وقطع الأعضاء الخاطئة، وقرض موضع النجاسة، {فَٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ}: عَظموه، {وَنَصَرُوهُ وَٱتَّبَعُواْ ٱلنُّورَ}: القرآن، {ٱلَّذِيۤ أُنزِلَ مَعَهُ}: مع نبوته، أي: القرآن أو اتباعه عليه الصلاة والسلام، أي: سنته، {أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ}: الفائزون بالسعادة.