التفاسير

< >
عرض

وَإِذ نَتَقْنَا ٱلْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُواْ مَآ ءَاتَيْنَٰكُم بِقُوَّةٍ وَٱذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ
١٧١
وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِيۤ ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ شَهِدْنَآ أَن تَقُولُواْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَـٰذَا غَافِلِينَ
١٧٢
أَوْ تَقُولُوۤاْ إِنَّمَآ أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلْمُبْطِلُونَ
١٧٣
وَكَذٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ
١٧٤
-الأعراف

الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم

{ وَإِذ نَتَقْنَا }: رفعنا، { ٱلْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ } هي كل ما أظلَّك { وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ }: سقط عليهم قائلين: { خُذُواْ مَآ ءَاتَيْنَٰكُم بِقُوَّةٍ }: بجد في العمل، { وَٱذْكُرُواْ مَا فِيهِ }: فلا تنسوه، { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } القبائح { وَ }: اذكر { إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِيۤ ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ }: أخرج ذريتهم بعضهم من ظهور بعض على ترتيب توالدهم { وَأَشْهَدَهُمْ }: كل واحدٍ { عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ }: قائلا، { أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ }: وإنما أنشأنا ليصح الإخبار وفائدته علم آدم ومسرته بكثرة ذريته، وأكثر المفسرين على أن المراد بإشهادهم واعترافهم تمكُّنهم من معرفته وتمكينهم منها على طريقة التمثيل كما في: { { أَن يَقُولَ لَهُ كُن } [يس: 82]، { { فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ } [فصلت: 11]، لأن إلفَ العامّة بالمحسوس أتمُّ { قَالُواْ بَلَىٰ شَهِدْنَآ }: بذلك كراهة { أَن تَقُولُواْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَـٰذَا }: عن أنَّك ربنا { غَافِلِينَ }: وعلى الثاني، أي: لم ننبه بدليل.
*تنبيه: قيل: كلام أكثر المفسرين ينافي ظاهر الحديث، وأجيب بأن التحقيق أن لله تعالى ميثاقين معنى أحدهما: ما تهتدي إليه العقول من نصب الأدلة الباعثة على الاعتراف الحالي، والآية تبين هذا كما قرره أثمة المتأخرين.
ثانيهما: المقالي الذي لا يُهتدى إليه إلا بتوقيف، وهو ما صحَّ أنه سئل عليه الصلاة والسلام عن هذه الآية فقال:
"إنَّ الله تعالى خلَقَ آدَمَ ثُمَّ مسَحَ ظهره بيمينه فاستخرج منه ذريته، فقَالَ: خلقت هؤلاء للجنة، وبعمل أهل الجنة يعملون، ثم مسح ظهره بشماله فستخرج منه ذريته، فقال: خلقت هؤلاء للنار" - إلى آخر الحديث، فيكون هذا الجواب من أُسْلُوب الحكيم إذْ سُئل عن الميثاق الحالي، فأجاب عن المقالي وضَمَّن فيه الحالي على ألطف وجه، فلا إشكال إذ الحديث قرر الآية، وأخبر عمَّا سكتت عنه، ولا يرد أيضاً أن الواجب أن لَا يُنسبَهم العهد حتى لا يكون لهم حجة، والله تعالى أعلم، { أَوْ تَقُولُوۤاْ إِنَّمَآ أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ }: قبل زماننا، { وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ }: فقلدناهم، { أَفَتُهْلِكُنَا }: تُعذِّبنا { بِمَا فَعَلَ }: الآباءُ { ٱلْمُبْطِلُونَ }: فتأثير الشرك والتقليد مع التمكُّن من تحصيل العلم ليس بعذر { وَكَذٰلِكَ }: التبين، { نُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ }: لفوائد كثيرة، { وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }: عن الباطل.