التفاسير

< >
عرض

عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ
١
عَنِ ٱلنَّبَإِ ٱلْعَظِيمِ
٢
ٱلَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ
٣
كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ
٤
ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ
٥
أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلأَرْضَ مِهَٰداً
٦
وَٱلْجِبَالَ أَوْتَاداً
٧
وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً
٨
وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً
٩
وَجَعَلْنَا ٱلَّيلَ لِبَاساً
١٠
وَجَعَلْنَا ٱلنَّهَارَ مَعَاشاً
١١
وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً
١٢
وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً
١٣
وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلْمُعْصِرَاتِ مَآءً ثَجَّاجاً
١٤
لِّنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً وَنَبَاتاً
١٥
وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً
١٦
إِنَّ يَوْمَ ٱلْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً
١٧
يَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً
١٨
وَفُتِحَتِ ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتْ أَبْوَاباً
١٩
وَسُيِّرَتِ ٱلْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً
٢٠
إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً
٢١
لِّلطَّاغِينَ مَآباً
٢٢
لاَّبِثِينَ فِيهَآ أَحْقَاباً
٢٣
لاَّ يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلاَ شَرَاباً
٢٤
إِلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً
٢٥
جَزَآءً وِفَاقاً
٢٦
إِنَّهُمْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ حِسَاباً
٢٧
وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا كِذَّاباً
٢٨
وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَاباً
٢٩
فَذُوقُواْ فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذَاباً
٣٠
إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً
٣١
حَدَآئِقَ وَأَعْنَاباً
٣٢
وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً
٣٣
وَكَأْساً دِهَاقاً
٣٤
لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ كِذَّاباً
٣٥
جَزَآءً مِّن رَّبِّكَ عَطَآءً حِسَاباً
٣٦
رَّبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ٱلرَّحْمَـٰنِ لاَ يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً
٣٧
يَوْمَ يَقُومُ ٱلرُّوحُ وَٱلْمَلاَئِكَةُ صَفّاً لاَّ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَقَالَ صَوَاباً
٣٨
ذَلِكَ ٱلْيَوْمُ ٱلْحَقُّ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ مَآباً
٣٩
إِنَّآ أَنذَرْنَاكُمْ عَذَاباً قَرِيباً يَوْمَ يَنظُرُ ٱلْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ ٱلْكَافِرُ يٰلَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً
٤٠
-النبأ

الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم

لَمَّا أَوْعدَ مكذبي البعث وغيره بالويل أخبر عن تساؤُلهم عن ذلك استهزاء، وذكر بعض دلائل قدرته عَلى ذلك فقال: { بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ * عَمَّ }: أي عن أيّ شيء عظيم { يَتَسَآءَلُونَ }: قريش بعضهم بعضا، إذ كانوا يتساءلون عن البعث والجزاء استهزاء { عَنِ ٱلنَّبَإِ ٱلْعَظِيمِ * ٱلَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ }: بجزم النفي والشك { كَلاَّ }: ردع عن التساؤل { سَيَعْلَمُونَ }: في القيامة { ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ }: في الجزاء، أو توكيداً { أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلأَرْضَ مِهَٰداً }: فراشا { وَٱلْجِبَالَ أَوْتَاداً }: لها لتثبت على الماء { وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً }: أصنافا مختلفة { وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً } أي: راحة أو موتا { وَجَعَلْنَا ٱلَّيلَ لِبَاساً }: غطاء يستركم { وَجَعَلْنَا ٱلنَّهَارَ مَعَاشاً }: وقت تحصيله { وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ }: سموات { سَبْعاً شِدَاداً }: محكمات لا تتأثر بمر الزمان { وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً }:وقادا، أي: الشمس { وَأَنزَلْنَا مِنَ }: السحب { ٱلْمُعْصِرَاتِ }: الشارفة؛ لأنه تعصرها الرياح فتمطر { مَآءً ثَجَّاجاً }: كثير الصب { لِّنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً }: للقوت { وَنَبَاتاً }: للعلف { وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً } متلفة الأشجار بعضها ببعض، جمع لفيف { إِنَّ يَوْمَ ٱلْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً }: لجزاءكم { يَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ }: ثانية { فَتَأْتُونَ } إلى الموقف { أَفْوَاجاً }: جماعات، كل أحد يعرف شركاءه في العمل { وَفُتِحَتِ }: شقت { ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتْ أَبْوَاباً }: ذاب أبواب كثيرة، وهي سقوفها، ثم تلف كالحصير { وَسُيِّرَتِ ٱلْجِبَالُ }: في الهواء كالهباء { فَكَانَتْ سَرَاباً }: أي: مثله، إذ صورته جبل وحقيقته هباء { إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً }: مرصداً { لِّلطَّاغِينَ }: يرصدهم خزنتها { مَآباً }: مرجعاً لهم { لاَّبِثِينَ فِيهَآ أَحْقَاباً }: دهورا متتابعة بلا نهاي، وتفسير الحقب بمانين سنة أو سبعين ألف سنة لا يستلزم تناهيها لتتابعها، وإن سلم فهو كالمفهوم فلا يعارض النص على خلودهم { لاَّ يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً }: ينفس عنهم الحر أو نوما { وَلاَ شَرَاباً }: يسكن عطشهم { إِلاَّ }: لكن يذوقون { حَمِيماً } ماء شديد الحرِّ { وَغَسَّاقاً }: صديد أهل النار، جوزوا به { جَزَآءً وِفَاقاً }: موافقا لأعمالهم في العظم { إِنَّهُمْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ }: لا يخافون { حِسَاباً }: لإنكارهم { وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا كِذَّاباً }: تكذيباً { وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ }: ضبطناه { كِتَاباً }: مكتوبا في صحف الخفظة، أو إحصاء، يقال لهم: { فَذُوقُواْ }: جزاءكم { فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذَاباً * إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً }: فوزا، أو موضع فوز بالغيبة { حَدَآئِقَ }: بساتين { وَأَعْنَاباً * وَكَوَاعِبَ }: جواري صغيرات الثدي، أو عذارى { أَتْرَاباً }: مستويات السن، كما مر { وَكَأْساً }: أي: خمرا { دِهَاقاً }: ملآناً { لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً }: كلاما بلا فادئة { وَلاَ كِذَّاباً }: تكذيبا من بعضهم لبعض بخلاف مجلس خمر الدنيا، جُوزُوا بهِ { جَزَآءً مِّن رَّبِّكَ عَطَآءً }: تفضلا { حِسَاباً }: كافيا، أو على حسب أعمالهم { رَّبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ٱلرَّحْمَـٰنِ لاَ يَمْلِكُونَ }: أهلهما { مِنْهُ خِطَاباً }: معه إلا بإذنه { يَوْمَ يَقُومُ ٱلرُّوحُ }: ملك أعظم الخلق بعد العرش، أو خلق على صورة آدم غير آدم، وأرواح الناس تقوم صفا { وَٱلْمَلاَئِكَةُ صَفّاً }: صافين { لاَّ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَقَالَ صَوَاباً }: كشفا عنه لمن ارتضى { ذَلِكَ ٱلْيَوْمُ ٱلْحَقُّ }: الواقع { فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ } بوابه { رَبِّهِ مَآباً }: مرجعا يسلم فيه { إِنَّآ أَنذَرْنَاكُمْ }: يا قريش { عَذَاباً قَرِيباً }: إذ ماهو آت قريب { يَوْمَ يَنظُرُ ٱلْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ }: من خير أو شر { وَيَقُولُ ٱلْكَافِرُ }: حين يحكم الله تعالى بين الحيوانات غير الإنسان ثم يجعلهم ترابا { يٰلَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً }: قيل مؤمنو الجن أيضاً يعودون ترابا، والأصح أنهم حول الجنة في ربض ودرجات وليسوا فيها - والله أعلمُ.