الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم
لَمَّا قال: { إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَٰهَا } [النازعات: 45] أتى بقصى من كان يذَّكَّر وتنفعه الذكرى فقال: {بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ}: لما كان صلى الله عليه وسلم مشغولا بعظماء قريش في إسلامهم، جاءه ابن أم مكتوم الضرير فقال له: علمني مما علمك الله وكرره جاهلا بالحال فكره صلى الله عليه وسلم وأعرض عنه، فعوتب بنزول {عَبَسَ} أي: كلح وجهه {وَتَوَلَّىٰ} أي: أعرض بوجهه صلى الله عليه وسلم {أَن}: أي: لأن {جَآءَهُ ٱلأَعْمَىٰ * وَمَا يُدْرِيكَ}: أي: يعلمك بحاله يا محمد {لَعَلَّهُ يَزَّكَّىٰ}: يتطهر من الذنوب بما يسمع منك، لا العظماء {أَوْ يَذَّكَّرُ} يتعظ {فَتَنفَعَهُ ٱلذِّكْرَىٰ}: أي: عظتك {أَمَّا مَنِ ٱسْتَغْنَىٰ}: بماله {فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّىٰ}: تتعرض طمعا في إسلامه {وَمَا عَلَيْكَ}: ضرر في {أَلاَّ يَزَّكَّىٰ}: بالإسلام، ما عليك إلا البلاغ {وَأَمَّا مَن جَآءَكَ يَسْعَىٰ}: في طلب الخير {وَهُوَ يَخْشَىٰ} الله تعالى أي: الأعمى {فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّىٰ}: تتشاغل {كَلاَّ}: ردع عن معاودة مثله {إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ}: للكل {فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ}: اتعظ به، والضميران للقرآن، وأنث الأول لتأنيث خبره، مثبتة {فَي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ}: عند الله تعالى {مَّرْفُوعَةٍ}: قَدرا {مُّطَهَّرَةٍ}: عن مس الشياطين {بِأَيْدِي} ملائكة {سَفَرَةٍ} كتبه من اللوح أو رسل {كِرَامٍ}: على الله عَزَّ وَجَلَّ {بَرَرَةٍ}: أتقياء {قُتِلَ}: لعن {ٱلإِنسَانُ}: المنكر للبعث {مَآ أَكْفَرَهُ}: ما أشد كفره {مِنْ أَيِّ شَيءٍ}: حقير {خَلَقَهُ * مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ}: أطوار إلى تمام خلقته {ثُمَّ ٱلسَّبِيلَ}: إلى الخروج من بطن أمه { يَسَّرَهُ}: أو سبيل الخير والشر ألهمه {ثُمَّ أَمَاتَهُ}: للحياة الأبدية {فَأَقْبَرَهُ}: تكرمه {ثُمَّ إِذَا شَآءَ أَنشَرَهُ}: أحياه {كَلاَّ}: ردع عما هو عليه {لَمَّا يَقْضِ}: بعد من لدن آدم إلى الآن {مَآ أَمَرَهُ}: فما منا إلا وله تقصير {فَلْيَنظُرِ ٱلإِنسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ}: مستدلا على البعث {أَنَّا صَبَبْنَا ٱلْمَآءَ}: المطر {صَبّاً * ثُمَّ شَقَقْنَا ٱلأَرْضَ}: بالنبات {شَقّاً * فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً}: كالبر {وَعِنَباً وَقَضْباً}: قَتًّا للعلف {وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً * وَحَدَآئِقَ}: بستاتين {غُلْباً}: عظاما بكثرة أشجارها {وَفَاكِهَةً}: أي ثمار ربطة {وَأَبّاً}: مرعى الدواب كالحصيد للآدمي، أو يابس الفواكة، وحديث: "خلقتم من سبع، ورقتم من سبع، فاسجدوا على سبع" : يؤيد الأول {مَّتَاعاً}: تمتيعا {لَّكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ * فَإِذَا جَآءَتِ ٱلصَّآخَّةُ}: النفخة الثانية التي تضخ، أي: تصم الآذان {يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَٰحِبَتِهِ }: زوجته {وَبَنِيهِ * لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ}: حال {يُغْنِيهِ}: يشلغه عنهم {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ}: مضيئة {ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ}: فرحة بالكرامة {وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ}: كدرة {تَرْهَقُهَا}: تغشاها {قَتَرَةٌ}: ظلمة وسوادا {أُوْلَـٰئِكَ}: الوجوه {هُمُ ٱلْكَفَرَةُ}: وسوادهم لذلك {ٱلْفَجَرَةُ}: وغبرتهم لذلك، والفاجر: الكاذبُ، والله تعالى أعلم بالصَّواب.