التفاسير

< >
عرض

عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ
١
أَن جَآءَهُ ٱلأَعْمَىٰ
٢
وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّىٰ
٣
أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ ٱلذِّكْرَىٰ
٤
أَمَّا مَنِ ٱسْتَغْنَىٰ
٥
فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّىٰ
٦
وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّىٰ
٧
وَأَمَّا مَن جَآءَكَ يَسْعَىٰ
٨
وَهُوَ يَخْشَىٰ
٩
فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّىٰ
١٠
كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ
١١
فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ
١٢
فَي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ
١٣
مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ
١٤
بِأَيْدِي سَفَرَةٍ
١٥
كِرَامٍ بَرَرَةٍ
١٦
قُتِلَ ٱلإِنسَانُ مَآ أَكْفَرَهُ
١٧
مِنْ أَيِّ شَيءٍ خَلَقَهُ
١٨
مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ
١٩
ثُمَّ ٱلسَّبِيلَ يَسَّرَهُ
٢٠
ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ
٢١
ثُمَّ إِذَا شَآءَ أَنشَرَهُ
٢٢
كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ مَآ أَمَرَهُ
٢٣
فَلْيَنظُرِ ٱلإِنسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ
٢٤
أَنَّا صَبَبْنَا ٱلْمَآءَ صَبّاً
٢٥
ثُمَّ شَقَقْنَا ٱلأَرْضَ شَقّاً
٢٦
فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً
٢٧
وَعِنَباً وَقَضْباً
٢٨
وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً
٢٩
وَحَدَآئِقَ غُلْباً
٣٠
وَفَاكِهَةً وَأَبّاً
٣١
مَّتَاعاً لَّكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ
٣٢
فَإِذَا جَآءَتِ ٱلصَّآخَّةُ
٣٣
يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ
٣٤
وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ
٣٥
وَصَٰحِبَتِهِ وَبَنِيهِ
٣٦
لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ
٣٧
وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ
٣٨
ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ
٣٩
وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ
٤٠
تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ
٤١
أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْكَفَرَةُ ٱلْفَجَرَةُ
٤٢
-عبس

الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم

لَمَّا قال: { إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَٰهَا } [النازعات: 45] أتى بقصى من كان يذَّكَّر وتنفعه الذكرى فقال: { بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ }: لما كان صلى الله عليه وسلم مشغولا بعظماء قريش في إسلامهم، جاءه ابن أم مكتوم الضرير فقال له: علمني مما علمك الله وكرره جاهلا بالحال فكره صلى الله عليه وسلم وأعرض عنه، فعوتب بنزول { عَبَسَ } أي: كلح وجهه { وَتَوَلَّىٰ } أي: أعرض بوجهه صلى الله عليه وسلم { أَن }: أي: لأن { جَآءَهُ ٱلأَعْمَىٰ * وَمَا يُدْرِيكَ }: أي: يعلمك بحاله يا محمد { لَعَلَّهُ يَزَّكَّىٰ }: يتطهر من الذنوب بما يسمع منك، لا العظماء { أَوْ يَذَّكَّرُ } يتعظ { فَتَنفَعَهُ ٱلذِّكْرَىٰ }: أي: عظتك { أَمَّا مَنِ ٱسْتَغْنَىٰ }: بماله { فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّىٰ }: تتعرض طمعا في إسلامه { وَمَا عَلَيْكَ }: ضرر في { أَلاَّ يَزَّكَّىٰ }: بالإسلام، ما عليك إلا البلاغ { وَأَمَّا مَن جَآءَكَ يَسْعَىٰ }: في طلب الخير { وَهُوَ يَخْشَىٰ } الله تعالى أي: الأعمى { فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّىٰ }: تتشاغل { كَلاَّ }: ردع عن معاودة مثله { إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ }: للكل { فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ }: اتعظ به، والضميران للقرآن، وأنث الأول لتأنيث خبره، مثبتة { فَي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ }: عند الله تعالى { مَّرْفُوعَةٍ }: قَدرا { مُّطَهَّرَةٍ }: عن مس الشياطين { بِأَيْدِي } ملائكة { سَفَرَةٍ } كتبه من اللوح أو رسل { كِرَامٍ }: على الله عَزَّ وَجَلَّ { بَرَرَةٍ }: أتقياء { قُتِلَ }: لعن { ٱلإِنسَانُ }: المنكر للبعث { مَآ أَكْفَرَهُ }: ما أشد كفره { مِنْ أَيِّ شَيءٍ }: حقير { خَلَقَهُ * مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ }: أطوار إلى تمام خلقته { ثُمَّ ٱلسَّبِيلَ }: إلى الخروج من بطن أمه { يَسَّرَهُ }: أو سبيل الخير والشر ألهمه { ثُمَّ أَمَاتَهُ }: للحياة الأبدية { فَأَقْبَرَهُ }: تكرمه { ثُمَّ إِذَا شَآءَ أَنشَرَهُ }: أحياه { كَلاَّ }: ردع عما هو عليه { لَمَّا يَقْضِ }: بعد من لدن آدم إلى الآن { مَآ أَمَرَهُ }: فما منا إلا وله تقصير { فَلْيَنظُرِ ٱلإِنسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ }: مستدلا على البعث { أَنَّا صَبَبْنَا ٱلْمَآءَ }: المطر { صَبّاً * ثُمَّ شَقَقْنَا ٱلأَرْضَ }: بالنبات { شَقّاً * فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً }: كالبر { وَعِنَباً وَقَضْباً }: قَتًّا للعلف { وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً * وَحَدَآئِقَ }: بستاتين { غُلْباً }: عظاما بكثرة أشجارها { وَفَاكِهَةً }: أي ثمار ربطة { وَأَبّاً }: مرعى الدواب كالحصيد للآدمي، أو يابس الفواكة، وحديث: "خلقتم من سبع، ورقتم من سبع، فاسجدوا على سبع" : يؤيد الأول { مَّتَاعاً }: تمتيعا { لَّكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ * فَإِذَا جَآءَتِ ٱلصَّآخَّةُ }: النفخة الثانية التي تضخ، أي: تصم الآذان { يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَٰحِبَتِهِ }: زوجته { وَبَنِيهِ * لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ }: حال { يُغْنِيهِ }: يشلغه عنهم { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ }: مضيئة { ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ }: فرحة بالكرامة { وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ }: كدرة { تَرْهَقُهَا }: تغشاها { قَتَرَةٌ }: ظلمة وسوادا { أُوْلَـٰئِكَ }: الوجوه { هُمُ ٱلْكَفَرَةُ }: وسوادهم لذلك { ٱلْفَجَرَةُ }: وغبرتهم لذلك، والفاجر: الكاذبُ، والله تعالى أعلم بالصَّواب.