الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم
لَمَّا أنْذَرهُم بعض وقائع القيامة أتبعه ببعض آخر منها فقال: {بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ * إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنفَطَرَتْ} انشقت {وَإِذَا ٱلْكَوَاكِبُ ٱنتَثَرَتْ}: تساقطت متفرقة {وَإِذَا ٱلْبِحَارُ فُجِّرَتْ}: بعضها إلى بعض فصارت واحدة كما مر {وَإِذَا ٱلْقُبُورُ بُعْثِرَتْ}: قلب ترابها وبعث من فيها {عَلِمَتْ نَفْسٌ}: أي: لكل نفس {مَّا قَدَّمَتْ}: بعمله {وَأَخَّرَتْ}: بتركه {يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَٰنُ مَا}: أي: شيء {غَرَّكَ بِرَبِّكَ}: أي: أمنك من عقاب ربك {ٱلْكَرِيمِ}: والكرم يقتضى عدم التسوية بين المطيع والعاصي فيكف مع صفة القهر، قيل: عمله بذكر الكريم جوابه ليقول: كرمك، وهذا إنما يصح إذا لم يكن المراد الكافر {ٱلَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ}: جعلك سليم الأعضاء {فَعَدَلَكَ}: جعلك معتدل الأعضاء متناسبها {فِيۤ أَيِّ صُورَةٍ مَّا}: صلة {شَآءَ رَكَّبَكَ * كَلاَّ}: ردع عن الاغترار {بَلْ تُكَذِّبُونَ بِٱلدِّينِ}: بالجزاء، هو سبب معاصيكم {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ}: لأعمالكم، ملائكة {كِرَاماً}: على الله تعالى {كَاتِبِينَ}: لها {يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ}: حتى ما تهمون به، فيعلمونه بريحه، والأصح أن الكفار عليهم حفظة؛ لهذه الآية، وآية { وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَٰبَهُ بِشِمَالِهِ } [الحاقة: 25]، وحينئذ فصاحب اليمين للشهادة على ما كتبه الآخر {إِنَّ ٱلأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ ٱلْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ}: ولذلك يكتبونها {يَصْلَوْنَهَا} يدخلونها {يَوْمَ ٱلدِّينِ * وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَآئِبِينَ} لخلودهم فيها {وَمَآ أَدْرَاكَ} أعلمك {مَا يَوْمُ ٱلدِّينِ * ثُمَّ مَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلدِّينِ}: أي: لا تدريه لعظمته وإنْ تأملته مرة بعد أخرى، ولك مَا ذكر في القرآن من: {وَمَآ أَدْرَاكَ} فأدراه، { وَمَا يُدْرِيكَ } [عبس: 3] طواهُ، قاله بان عباس أعني أو هو {يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً}: من الضرر والنفع {وَٱلأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ}: بلا توسط أحد - واللهُ أعْلمُ.