الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم
لَمَّا بيّن عظمة القرآن أتبعه بذكر منكريه ومتبعيه ومآل كلهم فقال: { بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ * لَمْ يَكُنِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ }: لإلحادهم في صفات الله تعالى { مِنْ }: بيانيه { أَهْلِ ٱلْكِتَابِ وَٱلْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ } عن دينهم { حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ ٱلْبَيِّنَةُ }: محمد صلى الله عليه وسلم، فآمن به بعضهم { رَسُولٌ }: بدل منها { مِّنَ ٱللَّهِ يَتْلُواْ صُحُفاً }: أي: ما فيها { مُّطَهَّرَةً }: عن الباطل، أو: { لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ ٱلْمُطَهَّرُونَ } [الواقعة: 79] { فِيهَا كُتُبٌ }: مكتوبات { قَيِّمَةٌ }: مستقيمة بلا عوج { وَمَا تَفَرَّقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ }: في تصديقه { إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَةُ }: محمد صلى الله عليه وسلم، إذا كانوا قبله متفقين في انتظار بعثته، { فَلَمَّا جَآءَهُمْ مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ } [البقرة: 89]، ولهذه الشناعة أفردهم عن المشركين { وَمَآ أُمِرُوۤاْ }: في كتابيهم بما فيهما { إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ }: أي: أن يعبدوا { ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ }: بلا شرك { حُنَفَآءَ }: مائلين عن العقائد الباطلة { وَيُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَيُؤْتُواْ ٱلزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ }: الملة { ٱلقَيِّمَةِ }: المستقيمة ولكنهم حرفوه { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ وَٱلْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَآ أَوْلَـٰئِكَ هُمْ شَرُّ ٱلْبَرِيَّةِ }: أي: الخليقة { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ أُوْلَـٰئِكَ هُمْ خَيْرُ ٱلْبَرِيَّةِ }: وهذا نِعمْ الملك { جَزَآؤُهُمْ }: بعد { عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً رِّضِىَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ }: مزيدا على جزائهم { وَرَضُواْ عَنْهُ }: لذلك { ذَلِكَ }: الجزاء مع المزيد { لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ }: فلا يعصيه والله تعالى أعلم بالصّواب.