{ قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق } نشتدُّ ونعدو ليتبيَّن أيُّنا أسرع عَدْواً { وتركنا يوسف
عند متاعنا } ثيابنا { فأكله الذئب وما أنت بمؤمنٍ لنا } بمصدِّق لنا { ولو كنَّا
صادقين } في كلِّ الأشياء لأنَّك اتَّهمتنا في هذه القصَّة.
{ وجاؤوا على قميصه بدم كذب } لأنَّه لم يكن دمه، إنَّما كان دم سخلةٍ { قال }
يعقوب عليه السَّلام: { بل } أَيْ: ليس كما تقولون { سوَّلت لكم } زيَّنت لكم
{ أنفسكم } في شأنه { أمْراً } غير ما تصفون { فصبر } أَيْ: فشأني صبرٌ { جميل }
وهو الذي لا جزع فيه ولا شكوى { والله المستعان على ما تصفون } أَيْ: به
أستعين في مكابدة هذا الأمر.
{ وجاءت سيارة } رفقةٌ تسير للسَّفر { فأرسلوا واردهم } وهو الذي يرد الماء
ليستقي للقوم { فأدلى دلوه } أرسلها في البئر، فَتَشَبَّثَ يوسف عليه السَّلام
بالرِّشاء فأخرجه الوارد، فلمَّا رآه { قال يا بشرى } أَيْ: يا فرحتا { هذا غلام
وأسروه بضاعة } أسرَّه الوارد ومَنْ كان معه من التُّجار من غيرهم، وقالوا: هذه
بضاعةٌ استبضعها بعض أهل الماء { والله عليم بما يعملون } بيوسف، فلمَّا علم
إخوته ذلك أتوهم، وقالوا: هذا عبدٌ آبقٌ منَّا، فقالوا لهم: فبيعوناه، فباعوه منهم،
وذلك قوله: { وشروه بثمن بخسٍ } حرامٍ؛ لأنَّ ثمن الحُرِّ حرامٌ { دراهم معدودة }
باثنين وعشرين درهماً { وكانوا } يعني: إخوته { فيه } في يوسف { من الزاهدين }
لم يعرفوا موضعه من الله سبحانه وكرامته عليه.