{أفمن هو قائم على كلِّ نفس بما كسبت} أَيْ: بجرائه. يعني: متولٍّ لذلك، كما
يقال: قام فلان بأمر كذا: إذا كفاه وتولاَّه، والقائم على كلِّ نفس هو الله تعالى
والمعنى: أفمن هو بهذه الصِّفة كمَنْ ليس بهذه الصِّفة من الأصنام التي لا تضرُّ ولا
تنفع؟ وجواب هذا الاستفهام في قوله: {وجعلوا لله شركاء قل سموهم} بإضافة
أفعالهم إليهم إن كانوا شركاء لله تعالى، كما يضاف إلى الله أفعاله بأسمائه
الحسنى، نحو: الخالق والرَّازق، فإن سمَّوهم قل أتنبئونه {أم تنبئونه بما لا يعلم
في الأرض} أَيْ: أتخبرون الله بشريكٍ له في الأرض، وهو لا يعلمه، بمعنى: أنَّه
ليس [له شريك] {أم بظاهرٍ من القول} يعني: أم تقولون مجازاً من القول
وباطلاً لا حقيقة له، وهو كلامٌ في الظَّاهر، ولا حقيقة له في الباطن، ثمَّ قال:
{بل} أَيْ: دع ذكر ما كنَّا فيه {زين للذين كفروا مكرهم} زيَّن الشَّيطان لهم
الكفر {وصدوا عن السبيل} وصدَّهم الله سبحانه عن سبيل الهدى {لهم عذاب في
الحياة الدنيا} بالقتل والأسر {ولعذاب الآخرة أشقُّ} أشدُّ وأغلظ {وما لهم من
الله} من عذاب الله {من واق} حاجزٍ ومانعٍ.
{مثل الجنة} صفة الجنَّة {التي وعد المتقون} . وقوله: {أكلها دائم} يريد: إنَّ
ثمارها لا تنقطع كثمار الدُّنيا {وظلها} لا يزول ولا تنسخه الشَّمس.