{ واستفزز من استطعت منهم } أَيْ: أزعجه واستخفَّه إلى إجابتك { بصوتك } وهو
الغناء والمزامير { وأجلب عليهم } وصحْ { بخيلك ورجلك } واحثثهم عليهم
بالإِغواء، وخيلُه: كلُّ راكبٍ في معصية الله سبحانه وتعالى، وَرَجِلُه: كلُّ ماشٍ
على رجليه في معصية الله تعالى { وشاركهم في الأموال } وهو كلُّ ما أُخذ بغير
حقٍّ { والأولاد } وهو كلُّ ولد زنا { وعدهم } أن لا جنَّة ولا نار، ولا بعث ولا
حساب، وهذه الأنواع من الأمر كلُّها أمر تهديد، قال الله تعالى: { وما يعدهم
الشيطان إلاَّ غروراً }.
{ إنَّ عبادي } يعني: المؤمنين { ليس لك عليهم سلطانٌ } حجَّةٌ في الشِّرك { وكفى
بربك وكيلاً } لأوليائه يعصمهم من القبول مِن إبليس.
{ ربكم الذي يزجي } يسيِّر { لكم الفلك في البحر لتبتغوا من فضله } في طلب
التِّجَارة { إنه كان بكم } بالمؤمنين { رحيماً }.
{ وإذا مسَّكم الضرُّ } خوف الغرق { في البحر ضلَّ } زال وبطل { من تدعون } من
الآلهة { إلاَّ إياه } إلاَّ الله { فلما نجاكم } من الغرق وأخرجكم { إلى البر أعرضتم }
عن الإيمان والتَّوحيد { وكان الإِنسان } الكافر لربِّه { كفوراً } لنعمة ربِّه جاحداً،
ثمًّ بيَّن أنَّه قادر أن يهلكهم في البرِّ، فقال:
{ أفأمنتم } يريد: حيث أعرضتم حين سلمتم من هول البحر { أن يخسف بكم }
يُغيِّبكم ويذهبكم في { جانب البَرِّ } وهو الأرض { أو يرسل عليكم حاصباً } عذاباً
يحصبهم، أَيْ: يرميهم بحجارةٍ { ثمَّ لا تجدوا لكم وكيلاً } مانعاً ولا ناصراً.
{ أم أمنتم أن يعيدكم } في البحر { تارةً } مرةً { أخرى فيرسل عليكم قاصفاً } ريحاً
شديدةً تقصف الفلك وتكسيره { فيغرقكم بما كفرتم } بكفركم حيث سلمتم المرة
الأولى { ثمَّ لا تجدوا لكم علينا به تبيعاً } ثائراً ولا ناصراً، ولامعنى: لا تجدوا مَنْ
يتًّبعنا بإنكار ما نزل بكم.