التفاسير

< >
عرض

سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً
٧٧
أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ لِدُلُوكِ ٱلشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ ٱلَّيلِ وَقُرْآنَ ٱلْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ ٱلْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً
٧٨
وَمِنَ ٱلْلَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً
٧٩
وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَٱجْعَل لِّي مِن لَّدُنْكَ سُلْطَاناً نَّصِيراً
٨٠
وَقُلْ جَآءَ ٱلْحَقُّ وَزَهَقَ ٱلْبَاطِلُ إِنَّ ٱلْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً
٨١
وَنُنَزِّلُ مِنَ ٱلْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ ٱلظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً
٨٢
وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى ٱلإنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ كَانَ يَئُوساً
٨٣
-الإسراء

{ سنة من قد أرسلنا قبلك... } الآية. يقول: لم نرسل قبلك رسولاً فأخرجه قومه إلاَّ أهلكوا. { ولا تجد لسنتنا تحويلاً } لا خُلف لسنَّتي، ولا يقدر أحدٌ أن يقلبها.
{ أقم الصلاة } أَيْ: أدمها { لدلوك الشمس } من وقت زوالها { إلى غسق الليل } إقباله بظلامه، فيدخل في هذا صلاة الظُّهر والعصر والعشاءين { وقرآن الفجر } يعني: صلاة الفجر، سمَّاها قرآناً لأنَّ الصَّلاة لا تصحُّ إلاَّ بقراءة القرآن. { إنَّ قرآن الفجر كان مشهوداً } تشهده ملائكة اللَّيل وملائكة النَّهار.
{ ومن الليل فتهجد } فصلِّ { به } بالقرآن { نافلة لك } زيادةً لك في الدَّرجات؛ لأنه غُفر له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر، فما عمل من عملٍ سوى المكتوبة فهو نافلةٌ لك، من أجل أنَّه لا يعمل ذلك في كفَّارة الذُّنوب { عسى أن يبعثك ربك } "عسى" من الله واجبٌ، ومعنى يبعثك ربُّك: يقيمك ربُّك في مقامٍ محمودٍ، وهو مقام الشَّفاعة يحمده فيه الخلق.
{ وقل ربِّ أدخلني } لمَّا أُمر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بالهجرة أُنزلت عليه هذه الآية، ومعناها: أدخلني المدينة إدخال صدق، أَيْ: إدخالاً حسناً لا أرى فيه ما أكره { وأخرجني } من مكة إخراج صدق لا ألتفت إليها بقلبي { واجعل لي من لَدُنْكَ سلطاناً نصيراً } قوَّة القدرة والحجَّة حتى أُقيم بهما دينك.
{ وقل جاء الحق } الإِسلام { وزهق الباطل } واضمحلَّ الشِّرك { إن الباطل } الشِّرك { كان زهوقاً } مضمحلاً زائلاً. أُمر النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن يقول هذا عند دخول مكَّة يوم الفتح.
{ وننزل من القرآن } أَيْ: من الجنس الذي هو القرآن { ما هو شفاء } من كلِّ داءٍ؛ لأنَّ الله تعالى يدفع به كثيراً من المكاره { ورحمةٌ للمؤمنين } ثوابٌ لا انقطاع له في تلاوته { ولا يزيد } القرآن { الظالمين } المشركين { إلاَّ خساراً } لأنَّهم يكفرون به ولا ينتفعون بمواعظه.
{ وإذا أنعمنا على الإِنسان } يريد: الوليد بن المغيرة { أعرض } عن الدُّعاء والابتهال، فلا يبتهل كابتهاله في البلاء والمحنة { ونأى بجانبه } بَعُد بنفسه عن القيام بحقوق نعم الله تعالى { وإذا مسه الشر } أصابه المرض والفقر { كان يؤساً } يائساً عن الخير ومن رحمة الله سبحانه؛ لأنَّه لا يثق بفضل الله تعالى على عباده.