{ قال } جبريل عليه السَّلام: { إنَّما أنا رسول ربّك لأهب لك غلاماً زكياً } ولداً
صالحاً نبيَّاً.
{ قالت أنَّى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر } ليس لي زوجٌ { ولم أك بغياً }
ولست بزانيةٍ.
{ قال كذلك } أَيْ: الأمر كما وصفت لك. { قال ربك هو عليَّ هيِّن } أن أهب
لكِ غلاماً من غير أبٍ { ولنجعله آية } علامةً للنَّاس على قدرة الله تعالى { ورحمةً
منا } لمّنْ تبعه على دينه { وكان } ذلك { أمراً مقضيّاً } قضيت به في سابق علمي،
فرفع جبريل عليه السَّلام جانب درعها، فنفخ في جيبها، فحملت بعيسى عليه
السَّلام، وذلك قوله سبحانه:
{ فحملته فانتبذت به } تباعدت بالحمل { مكاناً قصياً } بعيداً من أهلها في أقصى
وادي بيت لحم، وذلك أنَّها لمَّا أحسَّت بالحمل، هربت من قومها مخافة اللائمة.
{ فَأَجاءَها المخاض } وجع الولادة { إلى جذع النخلة } وذلك أنَّها حين أخذها
الطَّلق صعدت أكمة، فإذا عليها جذع نخلةٍ، وهو ساقها ولم يكن لها سعفٌ،
فسارت إليها وقالت جزعاً ممَّا أصابها: { يا ليتني مت قبل هذا } اليوم وهذا الأمر
{ وكنت نسياً منسياً } شيئاً متروكاً لا يُعرف ولا يُذكر، فلمَّأ رأى جبريل عليه
السَّلام وسمع جزعها ناداها من تحت الأكمة.