التفاسير

< >
عرض

وَإِذِ ٱبْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي ٱلظَّالِمِينَ
١٢٤
وَإِذْ جَعَلْنَا ٱلْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَٱتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَآ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَٱلْعَاكِفِينَ وَٱلرُّكَّعِ ٱلسُّجُودِ
١٢٥
وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ ٱجْعَلْ هَـٰذَا بَلَداً آمِناً وَٱرْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ ٱلثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلنَّارِ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ
١٢٦
وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَٰهِيمُ ٱلْقَوَاعِدَ مِنَ ٱلْبَيْتِ وَإِسْمَٰعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّآ إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ
١٢٧
-البقرة

{ وإذا ابتلى إبراهيم ربُّه } اختبره: أَيْ: عامله معاملة المُختبِر { بكلماتٍ } هي عشر خصالٍ: خمسٌ في الرأس، وهي: الفرق، والمضمضة، والاستنشاق، والسِّواك، وقصُّ الشَّارب، وخمسٌ في الجسد، وهي: تقليم الأظفار، وحلق العانة، والختان، والاستنجاء، ونتف الرُّفغين { فأتمهنَّ } أدَّاهنَّ تامَّاتٍ غير ناقصات { قال } الله تعالى: { إني جاعلك للناس إماماً } يقتدي بك الصَّالحون. فقال إبراهيم: { ومِنْ ذريتي } أَيْ: ومن أولادي أيضاً فاجعل أئمةً يُقتدى بهم، فقال الله عزَّ وجلَّ { لا ينال عهدي الظالمين } يريد: مَنْ كان من ولدك ظالماً لا يكون إماماً، ومعنى: { عهدي } أَيْ: نُبوَّتي.
{ وإذ جعلنا البيت } يعني: الكعبة { مثابةً للناس } معاداً يعودون إليه لا يقضون منه وطراً، كلَّما انصرفوا اشتاقوا إليه { وأَمْناً } أَيْ: مؤمناً، وكانت العرب يرى الرَّجل منهم قاتل أبيه في الحرم فلا يتعرَّض له، وأمَّا اليوم فلا يُهاج الجاني إذا التجأ إليه عند أهل العراق، وعند الشافعيِّ: الأولى أن لا يُهاج، فإنْ أُخيف بإقامة الحدِّ عليه جاز. وقد قال كثيرٌ من المفسرين: مَنْ شاء آمن، ومَنْ شاء لم يُؤمن، كما أنَّه لمَّا جعله مثابةً، مَنْ شاء ثاب، ومَنْ شاء لم يثب. { واتَّخذوا } أَيْ: النَّاس { من مقام إبراهيم } وهو الحجر الذي يُعرف بمقام إبراهيم، وهو موضع قدميه { مصلَّى } وهو أنَّه تُسنُّ الصَّلاة خلف المقام، قُرىء على هذا الوجه على الخبر، وقرىء بالكسر على الأمر. { وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل } أمرناهما وأوصينا إليهما { أنْ طهِّرا بيتي } من الأوثان والرِّيَب [ { للطائفين } حوله، وهم النزائع إليه من آفاق الأرض { والعاكفين } أي: المقيمين فيه، وهم سكان الحرم { والركع } جمع راكع و { السجود } جمع ساجد؛ مثله: قاعد وقعود].
{ وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا } أَيْ: هذا المكان وهذا الموضع { بلداً } مسكناً { آمناً } أَيْ: ذا أمنٍ لا يُصاد طيره، ولا يُقطع شجره ولا يُقتل فيه أهله. { وارزق أهله من الثمرات } أنواع حمل الشَّجر { مَنْ آمن منهم بالله واليوم الآخر } خَصَّ إبراهيم عليه السلام بطلب الرزق المؤمنين. قال تعالى: { وَمَنْ كفر فأمتعه قليلاً } فسأرزقه إلى منتهى أجله { ثمَّ أضطره } أُلجئه في الآخرة { إلى عذاب النار وبئس المصير } هي.
{ وإذ يرفع إبراهيم القواعد } أصول الأساس { من البيت وإسماعيل } ويقولان: { ربنا تقبلْ منَّا } تقرُّبنا إليك ببناء هذا البيت { إنك أنت السميع } لدعائنا { العليمُ } بما في قلوبنا.