التفاسير

< >
عرض

لاَ إِكْرَاهَ فِي ٱلدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشْدُ مِنَ ٱلْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِٱلطَّاغُوتِ وَيْؤْمِن بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ لاَ ٱنفِصَامَ لَهَا وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
٢٥٦
ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَوْلِيَآؤُهُمُ ٱلطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِّنَ ٱلنُّورِ إِلَى ٱلظُّلُمَاتِ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
٢٥٧
أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ ٱللَّهُ ٱلْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ ٱلَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَأْتِي بِٱلشَّمْسِ مِنَ ٱلْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ ٱلْمَغْرِبِ فَبُهِتَ ٱلَّذِي كَفَرَ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ
٢٥٨
-البقرة

{ لا إكراه في الدِّين } بعد إسلام العرب؛ لأنهم أُكرهوا على الإِسلام فلم يُقبل منهم الجزية؛ لأنَّهم كانوا مشركين، فلمَّا أسلموا أنزل الله تعالى هذه الآية. { قد تبين الرشد من الغي } ظهر الإِيمان من الكفر، والهدى من الضَّلالة بكثرة الحجج { فمن يكفر بالطاغوت } بالشَّيطان والأصنام { ويؤمن بالله } واليوم الآخر { فقد استمسك } أَيْ: تمسَّك { بالعروة الوثقى } عقد لنفسه عقداً وثيقاً، وهو الإِيمان وكلمة الشَّهادتين { لا انفصام لها } أي: لا انقطاع لها { والله سميع } لدعائك يا محمَّدُ أيَّايَ بإسلام أهل الكتاب، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبُّ إسلام أهل الكتاب الذين حول المدينة، ويسأل الله ذلك { عليم } بحرصك واجتهادك.
{ والله وليُّ الذين آمنوا } أَيْ: ناصرهم ومتولِّي أمورهم { يخرجهم من الظلمات } من الكفر والضَّلالة إلى الإِيمان والهداية { والذين كفروا } أي: اليهود { أولياؤهم الطاغوت } يعني: رؤساءهم كعب بن الأشرف وحُيي بن أخطب { يخرجونهم من النور } يعني: ممَّا كانوا عليه من الإِيمان بمحمدٍ عليه السَّلام قبل بعثه { إلى الظلمات } إلى الكفر به بعد بعثه.
{ ألم تر إلى الذي حاجَّ } جادل وخاصم { إبراهيم في ربه } حين قال له: مَنْ ربُّك؟ { أن آتاه الله الملك } أي: الملك الذي آتاه الله. يريد: بطرُ الملك حمله على ذلك، وهو نمروذ بن كنعان { إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت } فقال عدو الله: { أنا أحيي وأميت } فعارضه بالاشتراك في العبارة من غير فعل حياةٍ ولا موتٍ، فلما لبَّس في الحجَّة بأنْ قال: أنا أفعل ذلك احتجَّ إبراهيم عليه بحجَّةٍ لا يمكنه فيها أن يقول: أنا أفعل ذلك، وهو قوله: { قال إبراهيم فإنَّ الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر } أي: انقطع وسكت.