{قالوا فأتوا به على أعين الناس} على رؤوس النَّاس بمرأىً منهم {لعلَّهم
يشهدون} عليه أنَّه الذي فعل ذلك، وكرهوا أن يأخذوه بغير بيِّنةٍ، فلمَّا أتوا به،
{قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم}؟
{قال بل فعله كبيرهم هذا} غضب من أن يعبدوا معه الصِّغار، وأراد إقامه الحجَّة
عليهم {فاسألوهم} مَنْ فعل بهم هذا {إن كانوا ينطقون} إن قدروا على النُّطق.
{فرجعوا إلى أنفسهم} تفكَّروا ورجعوا إلى عقولهم {فقالوا إنكم أنتم الظالمون}
هذا الرجل بسؤالكم إيَّاه، وهذه آلهتكم حاضرةٌ فاسألوها.
{ثم نكسوا على رؤوسهم} أطرقوا لما لحقهم من الخجل، وأقرُّوا بالحجَّة عليهم
فقالوا: {لقد علمت ما هؤلاء ينطقون} فلمَّا اتَّجهت الحجَّة عليهم قال إبراهيم:
{أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئاً ولا يضركم}.
{أفٍ لكم} أَيْ: نتناً لكم، فلمَّا عجزوا عن الجواب.
{قالوا حرّقوه} بالنَّار {وانصروا آلهتكم} بإهلاك مَنْ يعيبها {إن كنتم فاعلين}
أمراً في أهلاكه، فلمَّا ألقوه في النَّار.
{قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم} ذات بردٍ وسلامةٍ، لا يكون فيها بردٌ
مضرٌّ، ولا حرٌّ مُؤذٍ.