التفاسير

< >
عرض

إِذَا رَأَتْهُمْ مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً
١٢
وَإَذَآ أُلْقُواْ مِنْهَا مَكَاناً ضَيِّقاً مُّقَرَّنِينَ دَعَوْاْ هُنَالِكَ ثُبُوراً
١٣
لاَّ تَدْعُواْ ٱلْيَوْمَ ثُبُوراً وَاحِداً وَٱدْعُواْ ثُبُوراً كَثِيراً
١٤
قُلْ أَذٰلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ ٱلْخُلْدِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَآءً وَمَصِيراً
١٥
لَّهُمْ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ وَعْداً مَّسْئُولاً
١٦
وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاَءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا ٱلسَّبِيلَ
١٧
قَالُواْ سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَآ أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَآءَ وَلَـٰكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَآءَهُمْ حَتَّىٰ نَسُواْ ٱلذِّكْرَ وَكَانُواْ قَوْماً بُوراً
١٨
فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلاَ نَصْراً وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَاباً كَبِيراً
١٩
وَمَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ ٱلطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي ٱلأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً
٢٠
-الفرقان

{ سمعوا لها تغيظاً } أَيْ: صوتاً بغيظٍ، وهو التَّغضُّب { وزفيراً } صوتاً شديداً.
{ وإذا ألقوا منها مكاناً ضيقاً } وذلك أنَّهم يُدفعون في النَّار كما يُدفع الوتد في الحائط { مقرَّنين } مقرونين مع الشَّياطين { دعوا هنالك ثبوراً } ويلاً وهلاكاً، فيقال لهم:
{ لا تدعوا اليوم ثُبوراً واحداً وادعوا ثبوراً كثيراً }.
{ قل أذلك } الذي ذكرتُ من موضع أهل النَّار ومصيرهم { خيرٌ أم جنة الخلد... } الآية. وقوله:
{ وعداً مسؤولاً } لأنَّ الملائكة سألت ذلك لهم في قوله تعالى:
{ { ربَّنا وأَدْخِلْهم جنَّاتِ عدنٍ التي وَعَدْتَهُم ومَنْ صلَحَ من آبائِهم وأزوَاجِهم وذُرِّيَّاتهم
}. { ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله } الأصنام، والملائكة، والمسيح، وعزيراً { فيقول أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء } هذا توبيخ للكفَّار، كقوله لعيسى عليه السَّلام: { { أَأنتَ قُلْتَ للنَّاس اتَّخذوني وأُمِّي إلهين من دُونِ الله
}؟! { قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتَّخذ من دونك أولياء } أن نوالي أعداءك، وفي هذا براءةُ معبوديهم منهم { ولكن متعتهم وآباءهم } في الدُّنيا بالصَّحة والنِّعمة { حتى نسوا الذكر } تركوا ما وُعظوا به { وكانوا قوماً بوراً } هلكى بكفرهم.
{ فقد كذبوكم بما تقولون } بقولكم: إنَّهم كانوا آلهة { فما تستطيعون } يعني: الآلهة { صرفاً } للعذاب عنكم { ولا نصراً } لكم { ومن يظلم } أَيْ: يشرك { منكم نذقه عذاباً كبيراً }.
{ وما أرسلنا قبلك... } الآية. هذا جوابٌ لقولهم: { ما لهذا الرسول... } الآية. أخبر الله سبحانه أنَّ كلَّ مَنْ خلا من الرُّسل كان بهذه الصِّفة { وجعلنا بعضكم لبعض فتنة } الصَّحيح للمريض، والغنيّ للفقير فيقول الفقير: لو شاء الله لأغناني كما أغنى فلاناً، ويقول المريض: لو شاء الله لعافاني كما عافى فلاناً، وكذلك كلُّ النَّاس مبتلى بعضهم ببعض، فقال الله تعالى: { أتصبرون } على البلاء؟ فقد عرفتم ما وُعد الصَّابرون { وكان ربك بصيراً } بمَنْ يصبر، وبمَنْ يجزع.