التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى ٱلْقَرْيَةِ ٱلَّتِيۤ أُمْطِرَتْ مَطَرَ ٱلسَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُواْ يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ نُشُوراً
٤٠
وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهَـٰذَا ٱلَّذِي بَعَثَ ٱللَّهُ رَسُولاً
٤١
إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلاَ أَن صَبْرَنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ ٱلْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً
٤٢
أَرَأَيْتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً
٤٣
أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَٱلأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً
٤٤
أَلَمْ تَرَ إِلَىٰ رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ ٱلظِّلَّ وَلَوْ شَآءَ لَجَعَلَهُ سَاكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا ٱلشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً
٤٥
ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضاً يَسِيراً
٤٦
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيلَ لِبَاساً وَٱلنَّوْمَ سُبَاتاً وَجَعَلَ ٱلنَّهَارَ نُشُوراً
٤٧
وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ ٱلرِّيَاحَ بُشْرَاً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً طَهُوراً
٤٨
لِّنُحْيِـيَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَآ أَنْعَاماً وَأَنَاسِيَّ كَثِيراً
٤٩
وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُواْ فَأَبَىٰ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً
٥٠
وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَّذِيراً
٥١
فَلاَ تُطِعِ ٱلْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبيراً
٥٢
-الفرقان

{ ولقد أتوا } يعني: مشركي مكَّة { على القرية التي أمطرت مطر السوء } يعني: الحجارة، وهي قرية قوم لوطٍ { أفلم يكونوا يرونها } إذا مرُّوا بها مسافرين فيعتبروا { بل كانوا لا يرجون نشوراً } لا يخافون بعثاً.
{ وإذا رأوك إن يتخذونك إلاَّ هزواً } ما يتَّخذونك إلاَّ مهزوءاً به، ويقولون: { أهذا الذي بعث الله رسولاً } إلينا؟
{ إن كاد } إنَّه كاد { ليضلنا عن آلهتنا } فيصدُّنا عن عبادتها { لولا أن صبرنا عليها } لصرفنا عنها.
{ أرأيت من اتخذ إلهه هواه } وهو أنَّهم كانوا يعبدون شيئاً حجراً، أو ما كان، فإذا رأوا حجراً أحسن طرحوا الأوَّل وعبدوا الأحسن، فهم يعبدون ما تهواه أنفسهم { أفأنت تكون عليه وكيلاً } حفيظاً حتى تردَّه إلى الإِيمان، أَيْ: ليس عليك إلاَّ التبليغ. وقيل: إنَّ هذا ممَّا نسخته آية السَّيف.
{ أم تحسب أنَّ أكثرهم يسمعون } سماع تفهيم { أو يعقلون } بقلوبهم ما تقول لهم: { إن هم } ما هم { إلاَّ كالأنعام } في جهل الآيات وما جعل لهم من الدَّليل { بل هم أضلُّ سبيلاً } لأنَّ النَّعم تنقاد لمن يتعهده، وهم لا يطيعون مولاهم الذي أنعم عليهم.
{ ألم ترَ } ألم تعلم { إلى ربك كيف مدَّ الظلَّ } وقت الإِسفار إلى وقت طلوع الشَّمس { ولو شاء لجعله } لجعل الظلَّ { ساكناً } ثابتاً دائماً { ثمَّ جعلنا الشمس عليه دليلاً } لأنَّ بالشَّمس يُعرف الظِّلُّ.
{ ثم قبضناه } قبضنا الظِّلَّ إلينا بارتفاع الشَّمس { قبضاً يسيراً } قيل: خفيَّاً. وقيل: سهلاً.
{ وهو الذي جعل لكم الليل لباساً } يستركم { والنوم سباتاً } راحةً لأبدانكم { وجعل النهار نشوراً } حياة تنتشرون فيه من النَّوم. وقوله:
{ طهوراً } هو الطَّاهر المُطهِّر.
{ لنحيي به } بالماء الذي أنزلناه من السَّماء { بلدة ميتاً } بالجدوبة { ونسقيه مما خلقنا أنعاماً وأناسيَّ كثيراً } جمع إنسيٍّ، وهم الذين سقيناهم المطر.
{ ولقد صرفناه } أَيْ: المطر { بينهم } بأنواعه وابلاً، وطشَّاً، ورُهَاماً، ورذاذاً { ليذكروا } ليتذكَّروا به نعمة الله تعالى { فأبى أكثر الناس إلاَّ كفوراً } جُحوداً حين قالوا: سُقينا بِنَوء كذا.
{ ولو شِئنا لبعثنا في كلِّ قرية نذيراً } لنخفِّف عليك أعباء النبوَّة، ولكن لم نفعل ذلك ليعظم أجرك.
{ فلا تطع الكافرين } في هواهم ولا تداهنهم { وجاهدهم به } وجاهد بالقرآن { جهاداً كبيراً } لا يُخالطه فتورٌ.