{ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى بصائر للناس} أَيْ:
مبيِّناً لهم.
{وما كنت بجانب الغربيّ} أَيْ: الجبل الغربيّ الذي هو في جانب الغرب {إذ
قضينا إلى موسى الأمر} أحكمناه معه، وعهدنا إليه بأمرنا ونهينا {وما كنت من
الشاهدين} الحاضرين هناك.
{ولكنا أنشأنا} أحدثنا وخلقنا {قروناً} أمماً {فتطاول عليهم العمر} فنسوا عهد
الله وتركوا أمره. {وما كنت ثاوياً} مُقيماً {في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا ولكنا
كنا مرسلين} أرسلناك رسولاً وأنزلنا عليك هذه الأخبار، ولولا ذلك ما علمتها.
{وما كنت بجانب الطور إذ نادينا} موسى {ولكن} أوحينا إليك هذه القصص
{رحمة من ربك}.
{ولولا أن تصيبهم مصيبة} عقوبةٌ ونقمةٌ {بما قدَّمت أيديهم} وجواب "لولا"
محذوف، تقديره: لعاجلناهم بالعقوبة.
{فلما جاءهم الحق} محمد صلى الله عليه وسلم {من عندنا قالوا لولا أوتي} محمد {مثل
ما أوتي موسى} كتاباً جملةً واحدةً {أَوَلَمْ يكفروا بما أوتي موسى من قبل} أَيْ:
فقد كفروا بآيات موسى كما كفروا بآيات محمَّد صلى الله عليه وسلم و {قالوا سِحرَانِ تظاهرا}
وذلك حين سألوا اليهود عنه فأخبروهم أنَّهم يجدونه في كتابهم بنعته وصفته،
وقالوا: ساحران تظاهرا. يعنون: موسى ومحمداً عليهما السَّلام تعاونا على السِّحر
{وقالوا إنَّا بكلٍّ} من موسى ومحمدٍ عليهما السَّلام {كافرون}.
{قل} لهم: {فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما} من كتابيهما {أتَّبِعه إِن
كنتم صادقين} أَنَّهما كانا ساحرين.
{فإن لم يستجيبوا لك} أَيْ: لم يجيبوك إلى الإِتيان بالكتاب {فاعلم أنَّما يتبعون
أهواءهم} أَيْ: يُؤثرون هواهم على الدِّين.
{ولقد وصلنا لهم القول} أنزلنا القرآن يتبع بعضه بعضاً {لعلهم يتذكرون}
يتَّعظون ويعتبرون.
{الذين آتيناهم الكتاب من قبله} من قبل محمد صلى الله عليه وسلم {هم به يؤمنون} يعني:
مؤمني أهل الكتاب.
{وإذا يُتلى عليهم} القرآن {قالوا آمنا به} صدَّقنا به {إنَّه الحقُّ من ربنا} وذلك
أنَّهم عرفوا بما ذُكر في كتبهم من نعت النبيِّ صلى الله عليه وسلم وكتابه {إنَّا كنا من قبله} من
قبل القرآن، أو من قبل محمد صلى الله عليه وسلم {مسلمين} لأنَّا كنَّا نؤمن به وبكتابه.