{ أولئك يؤتون أجرهم مرتين } مرَّةً بإيمانهم بكتابهم، ومرَّةً بإيمانهم بالقرآن { بما
صبروا } بصبرهم على ما أُوذوا { وَيَدرءُونَ بالحسنة السيئةَ } ويدفعون بما يعملون
من الحسنات ما تقدَّم لهم من السَّيئات { ومما رزقناهم ينفقون } يتصدَّقون.
{ وإذا سمعوا اللغو } القبيح من القول { أعرضوا عنه } لم يلتفتوا إليه. يعني: إذا
شتمهم الكفَّار لم يشتغلوا بمعارضتهم بالشَّتم { وقالوا: لنا أعمالنا ولكم أعمالكم
سلام عليكم } ليس هذا تسليم التحيَّة، وإنَّما هو تسليم المُتاركة، أَيْ: بيننا وبينكم
المتاركة والتَّسليم، وهذا قبل أن يُؤمر المسلمون بالقتال { لا نبتغي الجاهلين }
لا نصحبهم.
{ إنك لا تهدي مَنْ أحببت } نزلت حين حرص النبيُّ صلى الله عليه وسلم على إيمان عمِّه عند
موته، فلم يؤمن، فأنزل الله تعالى هذه الآية، والمعنى: لا تهدي مَنْ أحببت
هدايته { ولكنَّ الله يهدي من يشاء } هدايته { وهو أعلم بالمهتدين } بمن يهتدي في
معلومه.
{ وقالوا } يعني: مشركي مكَّة: { إن نتبع الهدى معك } بالإِيمان بك { نُتخطف }
نُسلب ونُؤخذ { من أرضنا } لإِجماع العرب على خلافنا، فقال الله تعالى: { أَوَلَمْ
نمكن لهم حرماً آمناً } أخبر سبحانه أنَّه آمنهم بحرمة البيت، ومنع منهم العدوَّ،
فكيف يخافون أن تسحتلَّ العرب قتالهم فيه؟ { يجبى } يُجمع. { ولكن أكثرهم
لا يعلمون } أنَّ ذلك ممَّا تفضَّل الله به سبحانه عليهم.
{ وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها } عاشوا في البطر وكفران النِّعمة { فتلك
مساكنهم } خاويةً { لم تسكن من بعدهم إلاَّ قليلاً } لا يسكنها إلاَّ المسافر والمارُّ
يوماً أو ساعةً.
{ وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها } أعظمها، الآية.