التفاسير

< >
عرض

وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَروهُ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلْمُتَّقِينَ
١١٥
إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ شَيْئاً وَأُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
١١٦
مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَـٰذِهِ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ ٱللَّهُ وَلَـٰكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
١١٧
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ ٱلْبَغْضَآءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ
١١٨
هَآأَنْتُمْ أُوْلاۤءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِٱلْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوۤاْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ ٱلأَنَامِلَ مِنَ ٱلْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ
١١٩
إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ
١٢٠
وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّىءُ ٱلْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
١٢١
-آل عمران

{ وما يفعلوا من خيرٍ فلن يكفروه } لن تُجحدوا جزاءه.
{ إنَّ الذين كفروا... } الآية. سبقت في أوَّل هذه السورة.
{ مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا } يعني: نفقة سفلة اليهود على علمائهم { كمثل ريح فيها صرٌّ } بردٌ شديدٌ { أصابت حرث قومٍ ظلموا أنفسهم } بالكفر والمعصية. أعلم الله تعالى أنَّ ضرر نفقتهم عليهم كضرر هذه الرِّيح على هذا الزَّرع { وما ظلمهم الله } لأنَّ كلَّ ما فعله بخلقه فهو عدلٌ منه { ولكن أنفسهم يظلمون } بالكفر والعصيان، ثمَّ نهى المؤمنين عن مباطنتهم فقال:
{ يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة } أَيْ: دخلاً وخواصَّ { من دونكم } من غير أهل ملَّتكم { لا يألونكم خبالاً } أَيْ: لا يدعون جهدهم في مضرَّتكم وفسادكم { ودُّوا ما عنتم } تمنَّوا ضلالكم عن دينكم { قد بدت البغضاء } أَيْ: ظهرت العداوة { من أفواههم } بالشَّتيمة والوقيعة في المسلمين { وما تخفي صدورهم } من العداوة والخيانة { أكبر قد بيّنا لكم الآيات } أَيْ: علامات اليهود في عداوتهم. { إن كنتم تعقلون } موقع نفع البيان.
{ ها أنتم } "ها" تنبيهٌ دخل على "أنتم" { أولاء } بمعنى: الذين. كأنَّه قيل: الذين { تحبُّونهم ولا يحبُّونكم } أَيْ: تريدون لهم الإِسلام، وهم يريدونكم على الكفر { وتؤمنون بالكتاب كلِّه } أَيْ: بالكتب، وهو اسم جنس { وإذا خلوا عضُّوا عليكم الأنامل } أَيْ: أطراف الأصابع { من الغيظ } التَّقدير: عضُّوا الأنامل من الغيظ عليكم، وذلك لما يرون من ائتلاف المؤمنين واجتماع كلمتهم { قل موتوا بغيظكم } أمر الله تعالى نبيَّه أن يدعو عليهم بدوام غيظهم إلى أن يموتوا { إنَّ الله عليمٌ بذات الصدور } بما فيها من خيرٍ وشرٍّ.
{ إن تمسسكم حسنةٌ } نصرٌ وغنيمةٌ { تسؤهم } تحزنهم { وإنْ تصبكم سيئة } ضد ذلك، وهو كسرٌ وهزيمةٌ { يفرحوا بها وإن تصبروا } على ما تسمعون من آذاهم { وتتقوا } مقاربتهم ومخالطتهم { لا يضرُّكم كيدهم } عداوتهم { شيئاً إنَّ الله بما يعملون محيط } عالمٌ به فلن تعدموا جزاءه.
{ وإذ غدوت } يعني: يوم أُحدٍ { من أهلك } من منزل عائشة رضي الله عنها { تبوِّىء } تُهيِّىءُ للمؤمنين { مقاعد } مراكز ومثابت { للقتال والله سميع } لقولكم { عليم } بما في قلوبكم.