{ ولئن قتلتم } [أي: والله لئن قتلتم]. { في سبيل الله } في الجهاد أيُّها
المؤمنون { أو متم } في سبيل الله ليغفرنَّ لكم وهو { خيرٌ مما يَجمعون } من
أعراض الدُّنيا.
{ ولئن متم } مُقيمين على الجهاد { أو قتلْتُم } مجاهدين { لإِلى الله تحشرون } في
الحالين.
{ فبما رحمة من الله } أَيْ: فَبِرَحْمةٍ، أَيْ: فبنعمةٍ من الله وإحسانٍ منه إليك { لِنت
لهم } يا محمد: أَيْ: سهلت أخلاقك لهم، وكثر احتمالك { ولو كنت فظاً } غليظاً
في القول { غليظ القلب } في الفعل { لانفضُّوا } لتفرَّقوا { من حولك فاعف
عنهم } فيما فعلوا يومَ أُحدٍ { واستغفر لهم } حتى أُشفِّك فيهم { وشاورهم في
الأمر } تطييباً لنفوسهم، ورفعاً من أقدارهم، ولتصير سنَّةً { فإذا عزمت } على
ما تريد إمضاءه { فتوكل على الله } لا على المشاورة.
{ إنْ ينصركم الله فلا غالب لكم } من النَّاس { وإن يخذلكم } [يوم أُحد]
لا ينصركم أحدٌ من بعده، والمعنى: لا تتركوا أمري للنَّاس، وارفضوا النَّاس لأمري.
{ وما كان لنبيٍّ أن يغلَّ } أَيْ: يخون بكتمان شيءٍ من الغنيمة عن أصحابه. نزلت
في قطيفة حمراء فُقدت يوم بدرٍ، فقال النَّاس: لعلَّ النَّبيَّ أخذها، فنفى الله
تعالى عنه الغلول، وبيَّن أنَّه ما غلَّ نبيٌّ، والمعنى: ما كان لنبيٍّ غلولٌ { ومن
يَغْلُلْ يأت بما غلَّ } حاملاً له على ظهره { يوم القيامة ثمَّ توفى كل نفس
ما كسبت } أَيْ: تُجازى ثواب عملها { وهم لا يظلمون } لا ينقصون من ثواب
أعمالهم شيئاً.
{ أفمن اتَّبع رضوان الله } بالإيمان به والعمل بطاعته، يعني: المؤمنين { كمَنْ باء
بسخطٍ من الله } احتمله بالكفر به، والعمل بمعصيته، يعني: المنافقين.
{ هم درجاتٌ عند الله } أَيْ: أهل درجات عند الله. يريد أنَّهم مختلفو المنازل
فَلِمَن اتِّبع رضوان الله الكرامة والثَّواب، ولِمَنْ باء بسخطٍ من الله المهانةُ والعذاب
{ والله بصيرٌ بما يعملون } فيه حثٌّ على الطَّاعة، وتحذيرٌ عن المعصية.
{ لقد منَّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم } أَيْ: واحداً منهم
عُرِف أمره، وخبرُ صدقه وأمانته، ليس بمَلَك ولا أحدٍ من غير بني آدم، وباقي
الآية ذُكر في سورة البقرة. { وإن كانوا من قَبْلُ } [وقد كانوا] من قبل بعثه
{ لفي ضلالٍ مبين }.