التفاسير

< >
عرض

أَفَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ ٱلأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ
٩
وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً يٰجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَٱلطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ ٱلْحَدِيدَ
١٠
أَنِ ٱعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي ٱلسَّرْدِ وَٱعْمَلُواْ صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
١١
وَلِسُلَيْمَانَ ٱلرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ ٱلْقِطْرِ وَمِنَ ٱلْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ
١٢
يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَآءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَٱلْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ ٱعْمَلُوۤاْ آلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ ٱلشَّكُورُ
١٣
-سبأ

{ أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض } يقول: أما يعلمون أنَّهم حيث ما كانوا فهم يرون ما بين أيديهم من الأرض والسَّماء مثل الذي خلفهم، وأنَّهم لا يخرجون منها، فكيف يأمنون؟! { إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفاً من السماء } عذاباً { إنَّ في ذلك لآية لكلِّ عبدٍ منيب } لعلامةً تدلُّ على قدرة الله سبحانه على إحياء الموتى لكلِّ مَنْ أناب إلى الله تعالى، وتأمَّل ما خلق الله سبحانه.
{ ولقد آتينا داود منَّا فضلاً } ثمَّ بيَّن ذلك فقال: { يا جبال } أَيْ: قلنا يا جبال { أوّبي معه } سبِّحي معه { والطير } كان إذا سبَّح جاوبته الجبال بالتَّسبيح، وعكفت عليه الطَّير من فوقه تسعده على ذلك { وألنا له الحديد } جعلناه ليِّناً في يده، كالطِّين المبلول والعجين، وقلنا له:
{ أن اعمل سابغات } دروعاً كوامل { وقدِّر في السرد } لا تجعل مسمار الدِّرع دقيقاً فيفلق، ولا غليظاً فيفصم الحلق. اجعله على قدر الحاجة، والسَّرْد: نسج الدُّروع { واعملوا } يعني: داود وآله { صالحاً } عملاً صالحاً من طاعة الله تعالى.
{ ولسليمان الرِّيح } وسخَّرنا له الرِّيح { غدوها شهر } مسيرها إلى انتصاف النَّهار مسيرة شهر، ومن انتصاف النَّهار إلى اللَّيل مسيرة شهر، وهو قوله: { ورواحها شهر وأسلنا له عين القطر } أذبنا له عين النُّحاس، فسالت له كما يسيل الماء { ومن الجنِّ } أَيْ: سخَّرنا له من الجنِّ { مَنْ يعمل بين يديه بإذن ربه } بأمر ربه { ومَنْ يزغ } يمل ويعدل { منهم عن أمرنا } الذي أمرناه به من طاعة سليمان { نذقه من عذاب السعير } وذلك أنَّ الله تعالى وكَّل بهم ملكاً بيده سوطٌ من نار، فمن زاغ عن أمر سليمان ضربه ضربةً أحرقته.
{ يعملون له ما يشاء من محاريب } مجالس ومساكن ومساجد { وتماثيل } صور الأنيباء؛ إذ كانت تصوَّر في المساجد ليراها النَّاس، ويزدادوا عبادة { وجفانٍ } قصاعٍ كبارٍ { كالجوابِ } كالحياض التي تجمع الماء { وقدور راسيات } ثوابت لا تحرَّكن عن مكانها لعظمه، وقلنا: { اعملوا } بطاعة الله يا { آل داود شكراً } له على نعمه.