{ إنا جعلنا في أعناقهم أغلالاً } أراد: في أعناقهم وأيديهم؛ لأنَّ الغلَّ لا يكون في
العنق دون اليد { فهي إلى الأذقان } أَيْ: فأيديهم مجموعةٌ إلى أذقانهم؛ لأنَّ الغلَّ
يجعل في اليد ممَّا يلي الذقن { فهم مقمحون } رافعو رؤوسهم لا يستطيعون
الإطراق؛ لأنَّ مَنْ غُلَّت يده إلى ذقنه ارتفع رأسه، وهذا مَثَلٌ معناه: أمسكنا
أيديهم عن النَّفقة في سبيل الله بموانعَ كالأغلال.
{ وجعلنا من بين أيديهم سدَّاً ومن خلفهم سداً } هذا وصف إضلال الله تعالى
إيَّاهم، فهو بمنزلة مَنْ سُدَّ طريقه من بين يديه ومن خلفه. يريد: إنَّهم
لا يستطيعون أن يخرجوا من ضلالهم { فأغشيناهم } فأعميناهم عن الهدى { فهم
لا يُبصرونـ } ـه ثم ذكر أنَّ هؤلاء لا ينفعهم الإِنذار فقال:
{ وسواءٌ عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون }.
{ إنما تنذر من اتبع الذكر } إنما ينفع إنذارك من اتَّبع القرآن فعمل به { وخشي
الرحمن بالغيب } خاف الله تعالى ولم يره.
{ إنا نحن نُحْيِ الموتى } عند البعث { ونكتب ما قدَّموا } من الأعمال { وآثارهم }
ما استُنَّ به بعدهم. وقيل: خطاهم إلى المساجد { وكلَّ شيء أحصيناه } عددناه وبيَّناه { في إمام مبين } وهو اللَّوح المحفوظ.
{ واضرب لهم مثلاً أصحاب القرية } وهي أنطاكية { إذ جاءها المرسلون } رسل
عيسى عليه السَّلام.
{ إذْ أرسلنا إليهم اثنين } من الحوارييِّن { فكذبوهما فَعَزَّزْنا بثالث } قوَّينا الرِّسالة
برسولٍ ثالثٍ.