{ومَنْ يشاقق الرسول} أَيْ: يخالفه {من بعد ما تبيَّن له الهدى} الإِيمان بالله
ورسوله، وذلك أنَّه ظهر له من الآية ما فيه بلاغ بما أطلع الله سبحانه على أمره،
فعادى النبيَّ صلى الله عليه وسلم بعد وضوح الحجَّة وقيام الدليل {ويتبع غير سبيل المؤمنين} غير
دين الموحِّدين {نوله ما تولى} ندعه وما اختار لنفسه {ونصله جهنم} ندخله
إيَّاها ونلزمه النَّار، ثمَّ أشرك بالله طعمة فكان يعبد صنماً إلى أن مات، فأنزل الله
فيه:
{إنَّ الله لا يغفر أن يشرك به...} الآية. ثمَّ نزل في أهل مكة:
{إن يدعون من دونه} أَيْ: ما يعبدون من دون الله {إلاَّ إناثاً} أَيْ: أصنامهم
اللاَّت والعزَّى ومناة {وإن يدعون إلاَّ شيطاناً مريداً} ما يعبدون بعبادتهم لها إلاَّ
شيطاناً خارجاً عن طاعة الله تعالى. يعني: إبليس؛ لأنَّهم أطاعوه فيما سوَّل لهم
من عبادتها.
{لعنه الله} دحره وأخرجه من الجنَّة {وقال} يعني إبليس: {لأتخذنَّ من عبادك}
بإغوائي وإضلالي {نصيباً مفروضاً} معلوماً، أَيْ: مَن اتَّبعه وأطاعه.
{ولأُضلنَّهم} عن الحقِّ {ولأمنينَّهم} أن لا جنَّة ولا نار. وقيل: ركوب الأهواء.
{ولآمرنَّهم فليبتكنَّ آذان الأنعام} [أي: فليقطعنَّها] يعني: البحائر، وسيأتي بيان
ذلك فيما بعد [في سورة المائدة]. {ولآمرنهم فليغيرن خلق الله} أَيْ: دينه.
يكفرون ويحرِّمون الحلال، ويحلون الحرام {ومَنْ يتخذ الشيطان ولياً من دون
الله} أيْ: [مَنْ] يُطعه فيما يدعو إليه من الضَّلال {فقد خسر خسراناً مبيناً} خسر
الجنَّة ونعيمها.