{ والله أعلم بأعدائكم } فهو يُعْلِمكم ما هم عليه { وكفى بالله ولياً وكفى بالله
نصيراً } أَيْ: إنَّ ولايته ونصرته إيَّاكم تُغنيكم عن غيره من اليهود، ومَنْ جرى مجراهم.
{ ومن الذين هادوا } أَيْ: قومٌ { يحرِّفون الكلم عن مواضعه } أَيْ: يُغيِّرون صفة
محمَّد صلى الله عليه وسلم وزمانه، ونبوَّته في كتابهم { ويقولون سمعنا } قولك { وعصينا } أمرك
{ واسمع غير مسمع } كانوا يقولون للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: اسمع، ويقولون في أنفسهم:
لا سمعت { وراعنا ليَّاً بألسنتهم } أَيْ: ويقولون راعنا، ويوجِّهونها إلى شتم محمَّد
عليه السَّلام بالرُّعونة، وذكرنا أنَّ هذا كان سبَّاً بلُغتهم { ولو أنَّهم قالوا سمعنا
وأطعنا } مكان قولهم: سمعنا وعصينا وقالوا { واسمع وانظرنا } أَيْ: انظر إلينا؛
بدل قولهم: راعنا { لكان خيراً لهم } عند الله { ولكن لَعَنَهُمُ الله بكفرهم } فلذلك
لا يقولون ما هو خيرٌ لهم { فلا يؤمنون إلاَّ قليلاً } أَيْ: إيماناً قليلاً، وهو قولهم:
اللَّهُ ربُّنا، والجنَّةُ حقٌّ، والنَّارُ حقٌّ، وهذا القليل ليس بشيءٍ مع كفرهم
بمحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وليس بمدحٍ لهم.
{ يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقاً لما معكم من قبل أن نطمس
وجوهاً } أَيْ: نمحو ما فيها من عينٍ، وفم، وأنفٍ [ومارن]، وحاجب،
فنجعلها كخفِّ البعير، أو كَحَافِرِ الدَّابة { فنردها على أدبارها } نُحوِّلها قبل
ظهورهم { أو نلعنهم } أو نجعلهم قردة وخنازير كما فعلنا بأوائلهم { وكان أمر الله
مفعولاً } لا رادَّ لحكمه ولا ناقض لأمره.