{ شرع لكم } بيَّن وأظهر لكم { من الدين ما وصَّى به } أمر { نوحاً } ثمَّ بيَّن ذلك
فقال: { أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه } والله يبعث الأنبياء كلَّهم بإقامة الدِّين وترك
الفرقة. { كبر } عَظُمَ وشقَّ { على المشركين ما تدعوهم إليه } من التَّوحيد وترك
الأوثان. { الله يجتبي إليه مَنْ يشاء } يصطفي مَنْ يشاء لدينه، فيهديه إليه.
{ وما تفرَّقوا إلاَّ من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم } ما تفرَّق أهل الكتاب إلاَّ عن
علمٍ بأنَّ الفرقة ضلالةٌ، ولكنَّهم فعلوا ذلك للبغي { ولولا كلمةٌ سبقت من ربك }
في تأخيرهم إلى السَّاعة { لقضي بينهم } لجوزوا بأعمالهم { وإنَّ الذين أورثوا
الكتاب من بعدهم } يعني: هذه الأمَّة، أعطوا الكتاب من بعد اليهود والنَّصارى
{ لفي شك منه مريب } يعني: كفَّار هذه الأمَّة ومشركيها.
{ فلذلك فادع } أَيْ: إلى ذلك. يعني: إلى إقامة الدِّين فادع النَّاس { واستقم كما
أمرت } اثبت على الدِّين الذي أُمرتَ به { وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب } أَيْ:
بجميع كتب الله المنزلة { وأمرت لأعدل بينكم } لأسوِّي بينكم في الإيمان
بكتبكم. وقيل: لأعدل بينكم في القضية. وقوله: { لا حجة } أَيْ: لا خصومة
{ بيننا وبينكم } وهذا منسوخٌ بآية القتال.