{الذين كفروا} أهل مكَّة {وصدوا عن سبيل الله} ومنعوا النَّاس عن الإيمان
بمحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم {أضلَّ أعمالهم} أحبطها، فلا يرون في ألآخرة لها جزاءً. وقوله:
{كفَّر عنهم سيئاتهم} أَيْ: سترها وغفرها لهم {وأصلح بالهم} أمرهم وحالهم.
{ذلك} الإِضلال والتَّكفير لاتِّباع الكافرين الباطل، وهو الشَّيطان، واتِّباع المؤمنين
الحقَّ، وهو القرآن. {كذلك يضرب الله للناس أمثالهم} أَيْ: كالبيان الذي ذُكر
يُبيِّن الله للنَّاس أمثال سيئات الكافرين وحسنات المؤمنين.
{فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب} فاضربوا رقابهم، أَيْ: فاقتلوهم {حتى
إذا أثخنتموهم} أكثرتم فيهم القتل {فشدوا} وثاق الأسارى حتى لا يفلتوا منكم
{فإمَّا منَّاً بعد} أَيْ: بعد أن تأسروهم؛ إمَّا مننتم عليهم فأطلقتموهم؛ وإمَّا أن
تُفادوهم بمالٍ {حتى تَضَعَ الحرب أوزارها} أَيْ: اقتلوهم وأسروهم حتى لا يبقى
كافرٌ يقاتلكم، فتسكن الحرب وتنقطع، وهو معنى قوله: {تضع الحرب أوزارها}
أَيْ: يضع أهلها آلة الحرب من السِّلاح وغيره، ويدخلوا في الإِسلام أو الذِّمَّة.
{ذلك} أَيْ: افعلوا ذلك الذي ذكرت {ولو يشاء الله لانتصر منهم} أهلكهم بغير
قتالٍ {ولكن ليبلواْ بعضكم ببعض} يمحِّص المؤمنين بالجهاد، ويمحق الكافرين
{والذين قتلوا في سبيل الله} وهم أهل الجهاد.
{سيهديهم} في الدُّنيا إلى الطَّاعات، وفي الآخرة إلى الدَّرجات {ويصلح بالهم}
أمر معاشهم.
{ويدخلهم الجنة عرَّفها لهم} بيَّن لهم مساكنهم فيها، وعرَّفهم منازلهم.
{يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله} أَيْ: رسوله ودينه {ينصركم ويثبت أقدامكم}
في مواطن القتال.
{والذين كفروا فتعساً لهم} أَيْ: سقوطاً وهلاكاً {وأضلَّ أعمالهم} أبطلها؛ لأنَّها
كانت للشَّيطان.