{ يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إنَّ بعض الظن إثم } وهو أنْ يظنَّ السُّوء
بأهل الخير، وبمن لا يُعلم منه فسقٌ. { ولا تجسسوا } لا تطلبوا عورات
المسلمين، ولا تبحثوا عن معايبهم { ولا يغتب بعضكم بعضاً } لا تذكروا أحدكم
بشيءٍ يكرهه وإن كان فيه ذلك الشَّيء. { أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً }
يعني: إنَّ ذكرك أخاك على غيبةٍ بسوءٍ كأكل لحمه وهو ميِّت،لا يحسُّ بذلك.
{ فكرهتموه } إنْ كرهتم أكل لحمه ميتاً فاكرهوا ذكره بسوءٍ.
{ يا أيها الناس إنَّا خلقناكم من ذكر وأنثى } أَيْ: كلُّكم بنو أبٍ واحدٍ وأمٍّ واحدةٍ،
فلا تفاضل بينكم في النَّسب { وجعلناكم شعوباً } وهي رؤوس القبائل، كربيعة
ومضر { وقبائل } وهي دون الشُّعوب كبكر من ربيعة، وتميم من مضر { لتعارفوا }
ليعرف بعضكم بعضاً في قرب النَّسب وبعده لا لتتفاخروا بها، ثمَّ أعلم أنَّ أرفعهم
عنده منزلةً أتقاهم، فقال: { إن أكرمكم عند الله أتقاكم... } الآية.
{ قالت الأعراب آمنا } نزلت في نفرٍ من بني أسدٍ قدموا المدينة في سنةٍ جدبةٍ
بذراريَّهم، وأظهروا كلمة الشَّهادة، ولم يكونوا مؤمنين في السِّرِّ، فقال الله تعالى:
{ قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا } أَيْ: لم تُصدِّقوا الله ورسوله بقلوبكم ولكن
أظهرتم الطَّاعة مخافة القتل والسَّبي { ولما يدخل الإِيمان في قلوبكم وإن تطيعوا
الله ورسوله } ظاهراً وباطناً { لا يلتكم } لا ينقصكم { من } ثواب { أعمالكم
شيئاً... } الآية. ثمَّ بيَّن حقيقة الإيمان والمؤمن.