{ إنا أنزلنا التوراة فيها هدىً } بيان الحكم الذي جاؤوك يستفتونك فيه { ونور }
بيانٌ إنَّ أمرك حَقٌّ { يحكم بها النبيون } من لدن موسى إلى عيسى، وهم { الذين
أسلموا } أَي: انقادوا لحكم التَّوراة { للذين هادوا } تابوا من الكفر، وهم بنو
إسرائيل إلى زمن عيسى { والربانيون } العلماء { والأحبار } الفقهاء { بما
استحفظوا } استرعوا [أَيْ: بما كُلِّفُوا حفظه من كتاب الله. وقيل: العمل بما فيه،
وذلك حفظه] { من كتاب الله وكانوا عليه شهداء } أنَّه من عند الله، ثمَّ خاطب
اليهود فقال: { فلا تخشوا الناس } في إظهار صفة محمَّد صلى الله عليه وسلم والرَّجم { واخشون }
في كتمان ذلك { ولا تشتروا بآياتي } بأحكامي وفرائضي { ثمناً قليلاً } يريد: متاع
الدُّنيا { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } نزلت في مَنْ غيرَّ حكم
الله من اليهود، وليس في أهل الإسلام منها ومن اللتين بعدها شيءٌ.
{ وكتبنا عليهم فيها } وفرضنا عليهم في التَّوراة { أنَّ النفس } تُقتل { بالنفس،
والعين بالعين... } الآية. كلُّ شخصين جرى القصاص بينهما في النَّفس جرى
القصاص بينهما في جميع الأعضاء والأطراف إذا تماثلا في السَّلامة، وقوله:
{ والجروح قصاص } في كلِّ ما يمكن أن يُقتصَّ فيه، مثل الشَّفتين، والذَّكَر،
والأُنثيين، والأليتين، والقدمين، واليدين، وهذا تعميمٌ بعد التَّفصيل بقوله:
{ العين بالعين والأنف بالأنف } . { فمن تصدَّق به فهو كفارة له } مَنْ عفا وترك
القصاص فهو مغفرةٌ له عند الله، وثواب عظيم.
{ وقفينا على آثارهم بعيسى } أَيْ: جعلناه يقفو آثار النَّبيِّين. يعني: بعثناه بعدهم
على آثارهم { مصدقاً لما بين يديه من التوراة } يُصدِّق أحكامها ويدعو إليها
{ وآتيناه الإِنجيل فيه هدى ونور ومصدقاً لما بين يديه من التوراة وهدىً وموعظة }
معناه: وهادياً وواعظاً.