{وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا} المحارم والمناهي {فإن توليتم} عن
الطَّاعة {فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين} فليس عليه إلاَّ البلاغ، فإن
أطعتم وإلاَّ استحققتم العقاب، فلمَّا نزل تحريم الخمر قالوا: يا رسول الله،
ما تقول في إخواننا الذين مضوا وهم يشربونها، ويأكلون الميسر؟ فنزل:
{ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا} من الخمر والميسر
قبل التحريم {إذا ما اتقوا} المعاصي والشِّرك {ثمَّ اتقوا} داموا على تقواهم {ثم
اتقوا} ظلم العباد من ضمِّ الإِحسان إليه.
{يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد} كان هذا عام الحديبية، كانت
الوحش والطيَّر تغشاهم في رحالهم كثيرة، وهم مُحْرِمون ابتلاءً من الله تعالى.
{تناله أيديكم} يعني: الفراخ والصِّغار {ورماحكم} يعني: الكبار {ليعلم الله}
ليرى الله {مَنْ يخافه بالغيب} أَيْ: مَنْ يخاف الله ولم يره {فمن اعتدى} ظلم
بأخذ الصَّيد {بعد ذلك} بعد النَّهي {فله عذابٌ إليم}.
{يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم} حرَّم الله قتل الصَّيد على المُحْرِم،
فليس له أن يتعرَّض للصَّيد بوجهٍ من الوجوه ما دام مُحرماً {ومَنْ قتله منكم متعمداً
فجزاء مثل ما قتل من النعم} أَيْ: فعليه جزاءٌ مماثل للمقتول من النَّعم في
الخِلقة، ففي النَّعامة بدنة، وفي حمار الوحش بقرة، وفي الضَّبع كبش، على هذا
التَّقدير {يحكم به ذوا عدل} يحكم في الصَّيد بالجزاء رجلان صالحان {منكم}
من أهل [ملَّتكم] فينظران إلى أشبه الأشياء به من النَّعم، فيحكمان به {هدياً بالغ
الكعبة} أَيْ: إذا أتى مكة ذبحه، وتصدَّق به {أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك} أَيْ: مثل ذلك {صياماً} والمُحرِم إذا قتل صيداً كان مخيَّراً؛ إن شاء جزاه
بمثله من النَّعم؛ وإن شاء قوَّم المثل دراهم، ثمَّ الدراهم طعاماً، ثمَّ يتصَّدق به،
وإن شاء صام عن كلِّ مدٍّ يوماً {ليذوق وبال أمره} جزاء ما صنع {عفا الله عما
سلف} قبل التَّحريم {ومن عاد فينتقم الله منه} مَنْ عاد إلى قتل الصَّيد مُحرماً
حُكم عليه ثانياً، وهو بصدد الوعيد {والله عزيز} منيع {ذو انتقام} من أهل
معصيته.
{أحلَّ لكم صيد البحر} ما أُصيب من داخله، وهذا الإِحلالُ عامٌّ لكلِّ أحد مُحرِماً
كان أو مُحِلاًّ {وطعامه} وهو ما نضب عنه الماء ولم يُصَد {متاعاً لكم وللسيارة}
منفعة للمقيم والمسافر، يبيعون ويتزوَّدون منه، ثمَّ أعاد تحريم الصَّيد في حال
الإِحرام، فقال: {وحرِّم عليكم صيد البر ما دمتم حرماً واتقوا الله الذي إليه
تحشرون} خافوا الله الذي إليه تبعثون.