{ ألم تر إلى الذين نافقوا... } الآية. وذلك أنَّ المنافقين ذهبوا إلى بني النَّضير
لمَّا حاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالوا: لا تخرجوا من دياركم، فإن قاتلكم محمدٌ
كنَّا معكم، وإن أخرجكم خرجنا معكم، وذلك قوله: { لئن أخرجتم لنخرجنَّ
معكم ولا نطيع فيكم أحداً } سألنا خذلانكم { أبداً } فكذَّبهم الله تعالى فيما قالوا
بقوله: { والله يشهد إنهم لكاذبون } والآية الثَّانية، وذكر أنَّهم إن نصروهم انهزموا
ولم ينتصروا، وهو قوله:
{ ولئن نصروهم ليولنَّ الأدبار ثمَّ لا ينصرون }.
{ لأنتم } أيُّها المؤمنون { أشد رهبة في صدروهم } صدور المنافقين من الله،
يقول: أنتم أهيبُ في صدورهم من الله تعالى؛ لأنَّهم يُخفون منك موافقة اليهود
خوفاً منكم، ولا يخافون الله فيتركون ذلك.
{ لا يقاتلونكم جميعاً } أي: اليهود { إلاَّ في قرىً محصنة أو من وراء جدر } أي:
لِمَا ألقى الله في قلوبهم من الرعب لا يقاتلونكم إلاَّ مُتحصِّنين بالقرى والجدران،
ولا يبرزون لقتالكم. { بأسهم بينهم شديد } خلافهم بينهم عظيم { تحسبهم
جميعاً } مُجتمعين مُتَّفقين { وقلوبهم شتى } مُختلفةٌ مُتفرِّقةٌ، و { ذلك بأنهم قوم
لا يعقلون } عن الله أمره.