{ ويرزقه من حيث لا يحتسب } ويروى "أنَّ هذا نزل في عوف بن مالك الأشجعيِّ
أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إنَّ العدو أسر ابني، وشكا إليه الفاقة، فقال له
رسول الله صلى الله عليه وسلم: اتَّق الله واصبر، وأَكْثِرْ من قول: لا حول ولا قوة إلاَّ بالله، ففعل
الرَّجل ذلك، فبينا هو في بيته إذ أتاه ابنه وقد غفل عنه العدو، وأصابَ إبلاً لهم
وغنماً، فساقها إلى أبيه." { ومَن يتوكل على الله } ما أهمَّه يتوثق به ويسكن قلبه
إليه { فهو حسبه } كافيه { إنَّ الله بالغ أمره } يبلغ أمره فيما يريد، وينفذه { قد
جعل الله لكل شيء قدراً } ميقاتاً وأجلاً.
{ واللائي يئسن من المحيض من نسائكم } أَيْ: القواعد من النِّساء اللاتي قعدن
عن الحيض { إن ارتبتم } إنْ شككتم في حكمهنَّ ولم تعلموا عدَّتهنَّ، وذلك أنَّهم
سألوا فقالوا: قد عرفناه عدَّة التي تحيض، فما عِدَّة التي لا تحيض والتي لم تحض
بعد؟ فبيَّن الله تعالى ذلك فقال: { فعدتهنَّ ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن } يعني:
الصِّغار. { وأولات الأحمال } ذوات الحمل من النِّساء { أجلهنَّ } عدتهنَّ { أن
يضعن حملهنَّ } فإذا وضعت الحامل انقضت عدَّتها مُطلَّقةً كانت، أو مُتوفَّى عنها
زوجها { ومن يتق الله } بطاعته في أوامره ونواهيه { يجعل له من أمره يسراً } أتاه
باليسر في أموره.
{ ذلك } يعني: ما ذُكر من أحكام العِدَّة { أمر الله أنزله إليكم... } الآية.
{ أسكنوهنَّ } أَيْ: المطلَّقات { من حيث سكنتم } أَيْ: من منازلكم وبيوتكم { من وُجدكم }: من سعتكم وطاقتكم { ولا تضاروهنَّ } لا تؤذوهن { لتضيقوا عليهن }
مساكنهن فيحتجن إلى الخروج { وإن كنّ } أي المطلقات { أولات حَمْلٍ فأنفقوا
عليهن حتى يضعن حملهن فإن أرضعن لكم } أولادكم منهنَّ { فآتوهن أجورهنّ }
على إرضاعهنَّ { وائتمروا بينكم بمعروف } أَيْ: ليقبل بعضكم من بعضٍ إذا أمره
بمعروف { وإن تعاسرتم } تضايقتم ولم تتوافقوا على إرضاع الأمِّ { فسترضع }
الصَّبيَّ [{ له } لوالده] مرضعةٌ أخرى سوى الأُمَّ، ولا تُكرَهُ الأمُّ على الإِرضاع.