{ ضرب الله مثلاً للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا
صالحين فخانتاهما } أَيْ: في الدِّين، فكانت امرأةُ نوحٍ تخبر قومه أنَّه مجنونٌ،
وامرأة لوط دلَّت على أضيافه { فلم يُغْنيا } يعني: نوحاً ولوطاً { عنهما من }
عذاب { الله شيئاً } من شيءٍ، وهذا تخويفٌ لعائشة وحفصة، وإخبار أنَّ الأنبياء
لا يُغنون عن مَنْ عمل بالمعاصي شيئاً، وقطعٌ لطمع من ركب المعصية رجاء أن
ينفعه صلاح غيره. وقوله:
{ ربِّ ابنِ لي عندك بيتاً في الجنة } قيل: إنَّ فرعون لما تبيَّن له إسلامها وَتَدَها
على الأرض بأربعة أوتاد على يديها ورجليها، فقالت وهي تعذَّب: { ربِّ ابنِ لي
عندك بيتاً في الجنة ونجني من فرعون وعمله } أَيْ: تعذيبه إيَّاي، وفي هذا بيانٌ
أنَّها لم تمل إلى معصيته مع شدَّة ما قاست من العذاب، وكذا فليكن صوالح
النِّساء، وأمرٌ لعائشة وحفصة أن يكونا كآسيةَ وكمريم بنت عمران. وقوله:
{ ومريم ابنة عمران } هو عطفٌ على قوله: "امرأة فرعون" { التي أحصنت فرجها }
أَيْ: عفَّت وحفظت { فنفخنا فيه من } جيب درعها من { روحنا }. فُسِّر في سورة
الأنبياء، { وصدَّقت بكلمات ربِّها وكتبه } آمنت بما أنزل الله على الأنبياء
{ وكانت من القانتين } أَيْ: من القوم المُطيعين لله، أَيْ: إِنَّها أطاعت فدخلت في
جملة المطيعين لله من الرِّجال والنِّساء.